للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثم يَدْفعُ بَعْد الغروبِ إلى مُزدلفةَ بسَكِينةٍ، ويُسرِعُ في الفَجْوةِ، ويَجْمَعُ بين العِشاءينِ)؛ لأن النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم دَفَعَ بعد الغروبِ وأردفَ أسامةَ بن زيدٍ خَلْفه، ودَفَعَ صلى الله عليه وسلم بسَكِينةٍ، وقد شَنَقَ الزِّمامَ لناقته حتى إنَّ رأسها من شِدَّة الشنق لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، قد عنَّها عنًّا شديدًا، وهو يقول بيده اليُمنى: «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ؛ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ» (١٠). وسبحان الله! التاريخ يُعيد نفسه؛ يعني من عهد الرسول وربما من قبل أيضًا كان الناسُ إذا نَفَروا أسرعوا، وفي ذلك الوقت الإسراعُ له وجْهٌ؛ لأن الدروب وعرةٌ، والليل قد أسدلَ ظلامه، فكانوا يحرصون على السرعة من أجْل مبادرةِ الوقتِ، بل قد كانوا في الجاهلية يدفعون قبل أنْ تغرب الشمس؛ إذا صارت الشمسُ على الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال دفعوا اغتنامًا لوقتِ السفر؛ يعني الإضاءة.

قال: (ويُسرع في الفَجْوة) يعني المتَّسع؛ يعني إذا أتى متَّسعًا أسرعَ؛ لأن ذلك أرفقُ به حتى يَصِل إلى مزدلفة مبكرًا، وكان من هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم في دفْعِهِ أنَّه إذا أتى حبلًا من الحِبال أَرْخَى لناقته قليلًا من أجْل أنْ تصعد؛ لأن الناقة إذا كانتْ قد عُنَّتْ بالزمام يشقُّ عليها الصعود، فإذا أُرْخِيَ لها سَهُلَ عليها الصعود، فكان من هَدْيِهِ عليه الصلاة والسلام أنَّه إذا أتى حبلًا من الحبال أَرْخَى لها قليلًا حتى تصعد (١١)، وإذا وجد فجوةً أسرع (١٢).

يقول: (ويجمع بين العشاءينِ) متى يجمع؟

<<  <  ج: ص:  >  >>