للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نقول: إذا قُلنا: الواجبُ المبيتُ مُعْظمَ الليلِ، فإنَّ نصف الليلِ ليس هو مُعْظم الليل؛ لأن الناس دفعوا من عرفة بعد غروب الشمس، والمسير من عرفة إلى مزدلفة يحتاج إلى ساعةٍ ونصفٍ أو ساعتين، ومن ثَمَّ كان من فِقْه أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما أنها تنتظر، حتى إذا غاب القمرُ دفعتْ (١٧)، وغروب القمر يكون بعد مُضِيِّ ثُلثي الليل تقريبًا، قد يزيد قليلًا أو ينقص قليلًا، وكأنها رضي الله عنها اعتبرتْ نصف الليل، لكن اعتبرت النصف من نزول الناس في مزدلفة، ونزولُ الناس في مزدلفة إذا اعتبرنا النصف فإنه يزيد على النصف الحقيقي الذي هو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر يزيد بنحو هذا المقدار الذي اعتبرته أسماء، وهو غروب القمر، وهذا هو الصحيح أنَّ المعتبر غروب القمر، وإنْ شئتَ فقُل: إنَّ المعتبر البقاءُ في مزدلفة أكثرَ الليل، ولكنْ يؤخذ من الليلِ المسافةُ ما بين الدفعِ من عرفة إلى وصولِ مزدلفة، فيكون ما ذهبتْ إليه أسماءُ رضي الله عنها هو المطابق لمعْظَم الليل.

يقول: (ويبيتُ بها، وله الدفْعُ بَعْدَ نصفِ اللَّيلِ، وقَبْلَهُ) أي: قبلَ نصفِ الليلِ؛ يعني: لو دَفَعَ (فيه دمٌ) ( ... ) سواءٌ كان عالِمًا بالحكْمِ أو جاهلًا، عامِدًا أو ناسيًا.

إذا دَفَعَ قبلَ منتصفِ الليل فعليه دمٌ، لماذا؟ لأنه تَرَكَ واجبًا، وهذا الدمُ دمُ جُبْرانٍ يذبحه ويتصدَّق به جميعًا على الفقراء في مكة.

(وقَبْلَهُ فيه دمٌ كوصولِهِ إليها بَعْدَ الفَجْرِ لا قَبْلَهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>