للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويبيت بها). واختلف العلماء رحمهم الله في البيتوتةِ في المزدلفة؛ فمنهم مَن قال: إنها سُنَّة، ومنهم مَن قال: إنها واجبٌ يُجبَر بدمٍ، ومنهم مَن قال: إن المبيتَ فيها ركنٌ كالوقوف بعرفة؛ لأن الله نصَّ عليه وقال: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨]، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم سوَّاها في عرفة حينما قال: «وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» (١). ولكن القول الوسط لعله أحسن الأقوال: أنَّه واجبٌ يُجبَر بدمٍ، ولا يُقتصر فيه على السُّنة.

قال المؤلف: (وله الدَّفْعُ بعد نصفِ اللَّيلِ).

(له) الضمير يعود على مَن؟ على الحاجِّ مُطْلقًا؛ قويًّا كان أَمْ ضعيفًا، رجُلًا كان أَمِ امرأة.

(له الدَّفْعُ بعد نصفِ اللَّيلِ) ما الدليل؟

الدليل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أذِنَ للضَّعَفةِ أنْ يدفعوا من مزدلفة ليلًا (١٦)، قالوا: وإذا انتصفَ الليلُ فقد أمضى أكثرَ الليلِ في مزدلفة، وإذا أمضى أكثرَ الليلِ أجزأه.

ولكن في هذا الحكم نظرٌ لأنه لا يُطابِق الدليل، فالدليل هو أنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعث الضَّعَفَةَ مِن أهله بليلٍ، وكلمة (ليل) تَصْدق على النصف الأول، والنصف الثاني، والسَّحَر، وتعيينها بما بعد النصف يحتاج إلى دليل، ومن المعلوم أننا لو أخذنا بظاهر اللفظ لقُلنا: يجوز الدفعُ قبل منتصف الليل؛ لأنه دفع بليل. وهذا لا يقول به المؤلف رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>