للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الصحيح قول الجمهور: أنَّه لو صلَّى في الطريق لأجزأه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «جُعِلَتِ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (١٤).

وأمَّا قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسامة: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فوجْهُهُ ظاهرٌ؛ لأنه لو أَوْقفَ الناسَ في هذا المكان؛ لو وقفَ ليُصلِّي وقفَ الناسُ، فلو أَوْقفهم في هذا المكانِ وهُم مُشْرَئِبُّون (١٥) إلى أنْ يَصِلوا إلى مزدلفة لكان في ذلك مشقَّةٌ عليهم ربما لا تُحتَمل، فكان هَدْيُه عليه الصلاة والسلام هَدْيَ رِفْقٍ وتيسيرٍ، لكنْ لو أنَّ أحدًا صلى فإنَّ صلاته تصِحُّ لعموم الحديث الذي ذكرْنا: «وجُعِلَتِ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا».

لكنْ ربما يجب أنْ يصلِّي في الطريق، متى؟ إذا خَشِيَ خروجَ وقتِ صلاةِ العِشاء بمنتصف الليل، فإنه يجب أنْ يصلِّي في الطريق؛ ينزل ويصلي.

فإنْ لم يُمْكنه النزول للصلاة فإنه يصلِّي ولو على السيارة إذا كان لا يُمْكنه؛ لأنه ربما يكون الخطُّ يمشي لكن مشيًا ضعيفًا لا يُمْكنه أن يَصِل إلى مزدلفة قبل منتصف الليل، وليس الخطُّ واقفًا حتى يمكن أنْ ينزل ويصلِّي ثم يركب، ففي هذا الحالِ إذا اضطُرَّ إلى أنْ يصلِّي في السيارة فلْيُصَلِّ، وعليه أنْ يأتي بما يمكنه من الشروط والأركان والواجبات.

قال المؤلف رحمه الله: (ويبيتُ بها).

يبيتُ بها وجوبًا أو استحبابًا؟

ظاهر كلام المؤلف أنه يبيتُ بها وجوبًا؛ بدليل قوله فيما بعد: (فعَليه دمٌ) إذا لم يفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>