وسَبَقَ لنا أنهم في الجاهلية يدفعون قبل غروب الشمس، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خالَفَهم فدفَع بعد الغروب، لكنه دَفَع ولم يصلِّ إلا في المزدلفة، هذا في اليوم التاسع. في ليلة العاشر يدفع من عرفة إلى مزدلفة فيصلي بها المغرب والعِشاء جمعًا وقَصْرًا ويبيت.
الثاني؛ السُّنة النومُ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم اضطجعَ حتى طلعَ الصبح (٣).
وأيضًا هلْ يصلِّي الوتر في تلك الليلة أو لا؟
نقول: لم يُذكَر في حديث جابرٍ ولا غيره فيما نعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَوْتَر تلك الليلة، لكنْ على سبيل العموم أنَّه لا يَدَعُ الوتر حَضَرًا ولا سَفَرًا. نقول: إنَّه يُوتر تلك الليلة، وعَدَمُ النَّقْلِ ليس نَقْلًا للعَدَم؛ لأننا نبقى على الأصل وهو أنَّه لا يَدَعُ الوتر سَفَرًا ولا حَضَرًا.
ثم نقول: لو تَرَكه في تلك الليلةِ لَنُقِلَ؛ لأنه لو تَرَكه لَكان شرعًا، والشرع لا بدَّ أنْ يُحفظ ويُنقَل.
وسَبَقَ لنا أنَّه يجوز على رأي الفقهاء -رحمهم الله- أنْ يدفع بعد منتصف الليل، ووجْهُهُ أنَّه إذا دَفَع بعد منتصف الليل فقد بقي في مزدلفة مُعْظم الليلِ أو أكثرَ الليلِ.
وسَبَقَ لنا أنَّ القول الراجح في هذه المسألة أنَّه لا يدفع إلا في آخِر الليل، وأنَّ أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما كانتْ ترتَقِبُ غروب القمر (١٧)، وأنَّ ما فَعَلتْهُ أسماء هو الفقه؛ لأنه لا ينبغي أن نحسب أول الليل ونحن لم نَصِل إلى مزدلفة إلا بعد دخول وقت العِشاء؛ إذْ إنَّ الناس يسيرون من عرفة إلى مزدلفة ولا يَصِلون إلا متأخرين.