للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَبَقَ لنا أنَّ السُّنة صلاة المغرب والعِشاء في مزدلفة، وأنَّه لو صلَّى في غير مزدلفة فصلاتُه صحيحةٌ خلافًا لِمَنْ؟ لابن حزم، والدليل: «جُعِلَتِ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (١٤)، وأنَّه لو خاف فَوْتَ الوقتِ -أي: وقت العِشاء وهو منتصف الليل- وجبَ عليه أنْ يصلِّي في أيِّ مكانٍ.

الدفع في آخِر الليل هلْ يختصُّ بأهل الأعذار أو لا؟

قال بعض العلماء: إنَّه يختصُّ بأهل الأعذار من الضعفاء والنساء ونحوهم. وأجازه الفقهاء مُطْلَقًا لأهل الأعذارِ ولغير أهل الأعذار.

حُجَّة الأوَّلِينَ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أقامَ في مزدلفةَ حتى صلَّى الفجر وأَسْفَرَ جِدًّا (٣)، وقال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (٨). وعن عائشة رضي الله عنها تمنَّتْ أنها استأذنَت الرسولَ صلى الله عليه وآله وسلم أنْ تدفع قبل الفجر كما استأذنَتْ سَوْدَةُ، وقالت كلامًا يفيد أنها تودُّ أنها استأذنَتْ من الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنها لو استأذنتْ لَكان أَشَدَّ من مفروحٍ به (١٨)؛ يعني: تُبالغ في أنها لو فعلتْ لأحبَّتْ ذلك.

على كلِّ حالٍ الذي يترجَّح أنَّه ليس بواجبٍ أنْ يبقى إلى صلاة الفجر، ولا سِيَّما في هذه الأزمان مع كثرة الناس والزِّحام والشِّدة، لكنْ هو الأفضل؛ أنْ يبقى إلى أنْ يصلِّي الفجر ويُسْفِر جِدًّا ثم ينصرف.

***

يقول المؤلف رحمه الله تعالى، وهو مبتدأ درس الليلة: (فإذا صلَّى الصبح)، وهُنا لم يُبَيِّن متى تكون هذه الصلاة، لكنْ قد ثبتَ بالسُّنة أنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صلَّاها حين تبيَّن له الصبح ولم يتأخر؛ صلَّاها بغَلَس (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>