لأنَّ الركن هو الماهيَّة التي تنبني عليها العبادة، ولقوله عليه الصلاة والسلام في الوقوف:«مَنْ أَتَى لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ»؛ يدلُّ على أنه إذا فاته فاته الحجُّ، أمَّا مَن تَرَك واجبًا فعليه دمٌ.
(دمٌ) إذا أُطْلِقَ الدمُ في لسان الفقهاء فهو: سُبع بَدَنة، أو سُبع بقرة، أو واحدة من الضأن أو المعز، ولا بدَّ فيها من شروط الأُضحية وأنْ تكون قد بلغت السِّنَّ المعتبَر؛ وهو في الإبل خمس سنين، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن نصف سنةٍ؛ ستَّة أشهر، ولا بدَّ أيضًا أنْ تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء كالعَوَرِ البيِّنِ ونحوه.
وهذا الدمُ دمُ جُبْرانٍ لا دمُ شُكرانٍ، وعليه فيجب أنْ يتصدَّق به جميعه على الفقراء؛ فقراء الحرم، ويُذبح في الحرم، ويُوزَّع في الحرم. فإنْ ذبحه خارجَ الحرمِ لم يُجزِئ.
لو ذبحَ هَدْيَ المتعةِ أو القِران في عرفة، يُجزئ أو لا؟
طلبة: لا يجزئ.
الشيخ: ذبحه فى عرفة وفرَّقه في مكة؟
طلبة: لا يجزئ.
الشيخ: لا يُجزِئ؛ لأنه في غير المكان المعتبَر شرعًا.
ولهذا سأل سائل قال: ها السَّنة وجدنا راحة، ذَبَحنا في عرفة بسَعَة، ووزَّعنا اللحم على ما نبغي. قلنا ليش؟ قال: هذا فِعْلنا كلَّ سَنَة. إذَن الدليل أنَّه فِعْلُه كلَّ سَنَة، مُشْكِل، أوقَعَنا في حيرة، يعني لا بدَّ أنْ نقول: يَلْزمكم أن تقضوا جميعَ ما فات؛ لأنكم ذبحتموه في مكانٍ لا يحلُّ فيه الذبح، فإذا ذبحتموه في عرفة فكأنما ذبحتموه في الصين. نعم لو ذبح في الصين وجاء به إلى الحرم لا يُجزِئ، فالحِلُّ واحدٌ من عرفة إلى أبعدِ الدُّنيا فلا يُجزئ.
لكنْ فيه قول لبعض الشافعية أنَّه إذا ذبحه في الحِلِّ وفرَّقه في الحرم فلا بأس؛ لأنه أدَّاه إلى أهْله؛ لأن أهْله هم أهل الحرم وقد أدَّاه إليهم.