ولكنْ قد يُقال: إن هذا غير صحيح؛ لأنه يفرق بين ذَبْحه في الحرم وذَبْحه في الحِلِّ؛ حيث إنه عبادة، والعبادة في الحرم أفضل منها في الحِلِّ، فإذا ذَبَح في الحِلِّ فاته الأفضلية، وحينئذٍ لا يصِح، وإنْ كان المقصود من التصدُّق على فقراء الحرم أنْ يَصِل إليهم، لكنْ أيضًا الذبح نفسه عبادة، فكَوْنه يُنقل من محلٍّ فاضلٍ إلى محلٍّ مفضولٍ يقتضي عدم الإجزاء، كما لو نَذَر أن يصلِّي ركعتين في المسجد الحرام فإنه لا يصح أنْ يصلي الركعتين في المسجد النبويِّ؛ لأن المسجد الحرام أفضل، فالقول بعدم الإجزاء هو الراجح نَظَرًا.
لكنْ إذا سألَنا أناسٌ مِثْل هؤلاء وليس في المسألة دليلٌ واضحٌ ينهى عن ذبح هذا في الحِلِّ فينبغي أن يقال: لا تُعيدوا ولا تعودوا. المعنى واضح؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: ويش معنى (لا تُعيدوا)؟
طلبة: لا تذبحوا مرَّةً ثانيةً.
الشيخ: لا تذبحوا مرَّةً ثانيةً. و (لا تعودوا) يعني لا تعودوا لِمِثْلها، خصوصًا إذا كان أُناسٌ يَغْلِب عليهم الجهلُ وسلامةُ القلب وأنَّهم ما تعمَّدوا المخالفة، والمقصود حَصَل بإعطاء اللحم إلى أهله.
ومِثل هذه الأمور التي ليس فيها نصٌّ والأمر قد انقضى وانتهى؛ لا حَرَجَ على الإنسان أنْ يُراعيَ أحوالَ المستفتي فلا يشقَّ عليه في أمرٍ لم يجدْ فيه نصًّا.
يقول:(عليه دمٌ). ما هو الدليل على أنَّ تارك الواجب يجب عليه دمٌ؟ وهذا أيضًا محتاجٌ إلى دليلٍ مهمٍّ، دليلٍ واضحٍ يستطيع أنْ يواجه الإنسانُ ربَّه به إذا أوجبَ على عباد الله ما لم يوجبْه الله عليهم؛ لأن إيجابَ ما لم يجب كإسقاط أيش؟
طلبة: ما وجب.
الشيخ: ما وجب أو أشدُّ؛ لأنَّ إسقاط ما يجب تخفيفٌ، وإيجاب ما لم يجب تشديدٌ، وأيُّهما الموافق للإسلام أو لروح الدين الإسلامي؟