وابن عباس رضي الله عنهما اختار أكمل الثلاثة فقال: من ترك شيئًا من نسكه أو نسيه فليهرق دمًا، فيكون هذا الرأي مبني على أيش؟ على اجتهاد؛ وهو قياس انتهاك النسك بترك الواجب على انتهاكه بفعل أيش؟
طالب: محرم.
الشيخ: بفعل محظور، فوجب الدم.
ونحن نقول: إن ثبت هذا من جهة النظر؛ يعني: إن سلم الدليل من جهة النظر وأن في ترك الواجب دمًا فذاك، وإن لم يسلم وقيل: الأصل براءة الذمة وقول الصحابي المبني على الاجتهاد كقول غيره من الناس فإننا نقول في إيجاب الدم بترك الواجب مصلحة؛ وهي حفظ الناس عن التلاعب.
أنت لو قلت: ليس في ترك الواجب دم أكثر الناس لا يهتمون به بأنه واجب وأن في تركه الاستغفار والتوبة ما يهمه، يقول: إذا شئت أن أملأ لك أجواء مكة كلها وإلى المدينة استغفارًا وتوبة فأنا ما عندي مانع، لكن لا تجعلني أخسر ولا خمسين ريالًا، تقول له: تُبْ إلى الله، قال: ما يخالف، كم مرة؟ ! ما عندي مانع، لكن لا تلزمني بشاة؛ يعني: كثير من الناس -ما نقول: إن أكثرهم، إن شاء الله- كثير من الناس لا يهمه، يهمه المال أكثر مما يهمه انتهاك النسك.
لو قيل: إن هذا واجب ومن تركه فهو آثم وعليه التوبة والاستغفار، فهل يحترم الناس هذا النسك كما لو قلنا: إن فيه الدم تذبحه ولو كنت في بلدك، وكل من يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء؟
الجواب: لا يكون نظر الناس إلى الواجب سواءً؛ لهذا نرى إلزام الناس بذلك، وإن كان ثبوته من حيث النظر والاستدلال فيه مناقشة وفيه اعتراض، فنقول: إن هذا من باب التربية؛ تربية المسلمين على التزامهم بالواجب، وما دمنا مستندين إلى قول صحابي جليل دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل فإننا نرجو أن نكون أبرأنا ذمتنا بذلك، والله يعلم المفسد من المصلح.
لهذا نحن نفتي بأنه يجب على من ترك واجبًا أن يذبح فدية يوزعها على الفقراء في مكة؛ لهذا النظر الذي ذكرناه.