طالب: أحسن الله إليكم، ذكرتم قبل قليل بأن البعدية بعدية حال، وعلى هذا فمن حصل له مثل ما حصل لأبي بردة فإن له أن يذبح عناقًا، لكن قول النبي عليه الصلاة والسلام:«لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». أقول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَنْ تُجْزِئَ»، كيف قلنا ( ... ) بأنها تجزي إذا قلنا بأن البعدية بعدية حال؟
الشيخ: إي، يعني: بعدك بعد حالك، مثلما تقول ما بعد ها لحال شيء، وذلك أن القاعدة الشرعية أن التكاليف لا تتعلق بالشخص لشخصيته؛ لأن الله تعالى لا يحابي أحدًا، وإنما تعلق الأحكام بالمعاني والعلل، حتى خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام ليست خصائص له شخصية لكن من أجل أنه رسول ولا يتصف بهذا الوصف سواه.
وهذا الذي نراه هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الحق، كيف الله يَخُصُّ هذا الإنسان بخصيصة من بين سائر الناس؟ ! الأحكام الشرعية معلقة بالأوصاف والمعاني لا بالأشخاص.
الطالب: لكن أحسن الله إليكم، الإشكال عندي أن النبي قال لأبي بردة:«لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ».
الشيخ: إي، ويش معنى بعدك؟ البعدية قد تكون بعدية حال وبعدية زمن، فهذه بعدية حال، وإنما عَدَلْنا عن ظاهر اللفظ إلى هذا؛ لأن القاعدة الشرعية أن العبادات لا يمكن أن تعلق أو أن تعلل بالشخص، لا بد أن يكون هناك علة أوجبت هذا الحكم فالناس في حكم الله سواء.
الطالب: هو -أحسن الله إليكم- هذا واضح لا غبار عليه، لكن الإشكال عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم يعني تركيبة بعدية الحال هذا مع قوله «لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»؟
الشيخ: بعدك؛ يعني: بعد حالك، المعنى لن تجزئ عن أحد.
الطالب: بعد حالك مثلك.
الشيخ: مثلك.
طالب: طيب، كيف نقول: لمن لم يجد عناقًا لمن لم يجد شاةً اذبح.
الشيخ: نقول: إذا كان الإنسان ذبح شاةً قبل صلاة العيد جاهلًا، ثم ليس عنده إلا عناق، ما عنده دراهم يشتري، فنقول: اذبح العناق وتجزئ عنك.