لكن ما هي الحكمة؟ الحكمة أن الله سبحانه وتعالى برحمته لما خص الحجاج بالهدي، وجعل لهذا النسك -أعني نسك الحج- محرمات ومحظورات، وهذه المحظورات إذا تركها الإنسان لله أُثيب عليها، الذين لم يحرموا بحج ولا عمرة شُرع لهم أن يضحوا في مقابل أيش؟
طالب: الهدي.
الشيخ: في مقابل.
طلبة: الهدي.
الشيخ: الهدي، وشُرع لهم أن يتجنبوا الأخذ من الشعور والأظفار والبشرة؛ لأن المحرم لا يأخذ من شعره شيئًا؛ يعني لا يترفه. فهؤلاء أيضًا مثله، وهذه من عدل الله عز وجل وحكمته، كما أن المؤذن يُثاب على الأذان، وغير المؤذن يثاب على المتابعة، شرع له أن يتابع.
إذن الدليل الحديث:«إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذَنَّ»، والتعليل أن يعطى أهل الأمصار شيئًا مما يعطاه أهل المشاعر.
وقول المؤلف:(يحرم) هذا أحد القولين في المسألة، والقول الثاني أنه يكره، وليس بحرام، ولكن الذي يظهر أن التحريم أقرب؛ لأنه الأصل في النهي؛ ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكد النهي بقوله:«فَلَا يَأْخُذَنَّ» والنون هذه للتوكيد؟
وقول المؤلف:(على من يُضحِّي)، يفهم منه أن من يُضحَّى عنه، فلا حرج عليه أن يأخذ من ذلك، وهذا هو ظاهر الحديث أن التحريم خاص بمن؟
طالب: بمن يضحي؟
الشيخ: بمن يضحي، وعلى هذا فيكون التحريم مختصًّا برب البيت، وأما أهل البيت فلا يحرم عليهم ذلك، وهذا القول هو الراجح، ودليله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علق الحكم بمن؟
طلبة: بمن يضحي؟
الشيخ: بمن يضحي؟ فمفهومه أن من يضحى عنه لا يثبت له هذا الحكم، ودليل آخر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يضحي عن أهل بيته، ولم ينقل أنه كان يقول لهم: لا تأخذوا من شعوركم وأظافركم وأبشاركم شيئًا، ولو كان حرام عليهم ذلك لنهاهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنه.
فإن قال قائل: ما وجه قول من يقول: إنه يحرم على من يُضحي أن يضحى عنه؟