الشيخ: الجاهلية، ولهذا كره بعض العلماء، كره العتيرة بخلاف الفرعة؛ لأنه وردت بها السنة، أما العتيرة فكرهها وهي جديرة بأن تكون مكروهة. لا، يعني الذبيحة في أول رجب لا سيما وأنه إذا ذُبح في أول رجب وقيل للناس: إن هذا لا بأس به، فإن النفوس ميَّالة إلى مثل هذه الأفعال، فربما يكون شهر رجب كشهر الأضحية، كشهر ذي الحجة، ويتكاثر الناس على ذلك، ويبقى مظهرًا ومشعرًا من مشاعر المناسك، وهذا لا شك أنه محظور، فالذي يترجح عندي أن الفرعة لا بأس بها لورود السنة بها، وأما العتيرة فإنها أقل أحوالها الكراهة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نفى ذلك وقال:«لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ». وبهذا انتهى باب الأضاحي، وباب الهدي، وبه يتبين لنا أن الدماء المشروعة ثلاثة أقسام: هدي، وأضحية، وعقيقة.
هذه هي الدماء المشروعة، وأما وليمة العرس كقول النبي عليه الصلاة والسلام:«أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»(١٤)؛ فإنها لا تختص ببهيمة الأنعام، تكون وليمة بهذا، وتكون وليمة بغير ذلك.
الذبائح المسنونة هي الهدي والأضاحي والعقيقة، وأما الوليمة التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعبد الرحمن بن عوف:«أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»، فهذا ليس خاصًّا ببهيمة الأنعام تكون وليمة بهذا، وتكون بالطعام، وتكون بالتمر، وبالحيس الذي يُخلط التمر وأقط وسمن، فهي لا تختص بهذا، لكن إذا أولم بشاة فلا بأس.
ما يفعله بعض الناس إذا نزل بيتًا جديدًا ذبح ودعا الجيران والأقارب، هذا لا بأس به ما لم يكن مصحوبًا بعقيدة فاسدة كما يُفعل في بعض الأماكن إذا نزل أول ما ينزل البيت يأتي بشاة، ويذبحها على العتبة -عتبة الباب- حتى يسيل الدم على العتبة، ويقول: إن هذا يمنع الجن دخول البيت، هذه عقيدة فاسدة، ليس لها أصل، لكن من ذبح من أجل الفرح والسرور، فهذا لا بأس به.