للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ولا تُسنُّ الفرَعة ولا العتيرة)، هاتان ذبيحتان معروفتان في الجاهلية، وقد اختلفت الأحاديث في إثباتهما أو نفيهما، ومن ثم قال المؤلف: (لا تسن الفرعة) الفرعة هي ذبح أول ولد للناقة، إذا ولدت الناقة أول ولد، فإنهم يذبحونه لآلهتهم تقربًا إليها، ومعلوم أن الإنسان لو ذبح على هذا الوجه لكان شِرْكًا أكبر، ما فيه إشكال، لكن لو ذبحها شكرًا لله على نعمته لكون هذه الناقة ولدت، فيذبح أول نتاج لها شكرًا لله عز وجل من أجل أن يبارك الله له في النتاج المستقبل، فهنا لا شك أن النية تُخالف ما كان أهل الجاهلية يفعلونه تمامًا، ولكنها توافق ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في الفعل، وإن اختلفت النية، فهل يقال: إنها من أجل ذلك ينهى عنها كما نهي عن الذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله، لكن هذا هو التعليل الصحيح؛ أنها مكروهة لولا أنه ورد في السنة ما يدل على الجواز.

وعلى هذا فنقول: إن ذبح الإنسان الفرَعة بقصد كقصد أهل الجاهلية فهو شرك محرم لا إشكال فيه، وإن ذبحها من أجل أن يكون ذلك شكرًا لله على هذا النتاج الذي هذا أوله، ولتحصل البركة في المستقبل، فهذا لا بأس به، ولكن هل هو سُنَّة؟ يقول المؤلف: (لا تُسنُّ الفرعة).

كذلك: (ولا العتيرة) (العَتِيرة) (فعِيلة) بمعنى (مفْعُولة) من العَتْر، وهي ذبيحة تُذبح في أول شهر رجب، وكانوا في الجاهلية يعظمون رجبًا؛ لأن رجبًا أحد الأشهر الأربعة الحرم التي هي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، فكانوا يُعظِّمون هذا الشهر، وكانوا يخصونه بالعمرة أيضًا؛ فلذلك لهم عبادات في هذا الشهر؛ منها العتيرة، يذبحونها في أول رجب.

والمؤلف يقول: (لا تُسنُّ)، واستدل بالحديث المتفق عليه (١٢) وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» وفي رواية للنسائي: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ فِي الْإِسْلَامِ» (١٣). وتخصيص ذلك بالإسلام يوحي بأنها من خصال.

طلبة: الجاهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>