أما النوع الثاني فهو جهاد المنافقين، وجهاد المنافقين يكون بالعلم لا بالسلاح؛ لأن المنافقين لا يُقاتَلون؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استؤذن أن يقتل المنافقون الذين عُلم نفاقهم، فقال:«لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَضْحَابَهُ»(١٥) وهم لهم جهاد، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}[التوبة: ٧٣]، ولكن جهادهم بالعلم، ولهذا يجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يوردون الشبهات على دين الله ليصدوا عن سبيل الله، فإذا لم يكن لدى الإنسان علم فإنه ربما تكثر الشبهات والشهوات والبدع، ولا يستطيع أحد أن يردعها.
الثالث: جهاد المبارزين المعاندين المحاربين وهم الكفار الذين أعلنوا، وصرحوا بالكفر، وهذا يكون بماذا؟
يكون بالسلاح، وقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠]. قد يقال: إنه يشمل النوعين؛ جهاد المنافقين بالعلم، وجهاد الكفار بالسلاح، ولكن قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ»(١٦) يؤيد أن المراد بذلك؟
طالب: السلاح.
الشيخ: السلاح في المقاتلة، الجهاد يقول المؤلف:(فرض كفاية)، وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وصار في حقهم سنة، وهذا حكمه، أما مرتبته في الإسلام فقد سماه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«ذُرْوَة سَنَامِ الْإِسْلَامِ»(١٧)، ذروة سنامه، والسَّنام: هو الشحم النابت فوق ظهر الجمل، وذروته أعلاها، وإنما جعله النبي عليه الصلاة والسلام ذروة سنام الإسلام؛ لأنه يعلو به الإسلام، ويرتفع به الإسلام، كما أن سنام البعير كان فوق مرتفعًا فهو له مرتبة، وله حكم، حكمه؟