هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية والعياذ بالله؛ لأن عمل المسلمين منذ أزمنة متطاولة على أن من استولى على ناحية من النواحي، وصار له الكلمة العليا فيها فهو إمام؛ إمام فيها، وقد نص على ذلك العلماء، مثل صاحب سبل السلام وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه، وهذا هو الواقع الآن في البلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات، ويحصل صراع على السلطة، ويحصل رشاوى، وبيع ذمم، وإلى غير ذلك، فإذا كان البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحدًا إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة، فكيف بالمسلمين عمومًا؟ ! هذا لا يمكن.
إذن نقول:(إذا استنفره الإمام) وإمام كل ناحية من كان واليًا عليها الذي له السلطة العليا في هذه الناحية، إذا استنفره الإمام وجب عليه الخروج؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: ٣٨، ٣٩] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»(٢٠). هذا من ناحية أدلة سمعية.
دليل عقلي: لأن الناس لو تمردوا في هذا الحال على الإمام لحصل الخلل الكبير على الإسلام؛ إذ إن العدو سوف يقدم، ويتقدم إذا لم يجد من يقاومهم ويدافع.