الثاني: إذا حصر بلده العدو يجب عليه القتال دفعًا عن البلد، وهذا يشبه من حضر الصف في القتال؛ لأن العدو إذا حصر البلد فلا بد من الدفاع؛ إذ إن العدو سيمنع الخروج من هذا البلد، وسيمنع الدخول إلى هذا البلد، وسيمنع ما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف، ففي هذا الحال يجب أن يُقاتل أهل البلد دفاعًا عن بلدهم.
الثالث: قال: (أو استنفره الإمام) استنفر؛ أي: قال: انفروا، والإمام هو ولي الأمر الأعلى في الدولة، ولا يُشترط أن يكون إمامًا عامًّا للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت منذ أزمان متطاولة، والنبي عليه الصلاة والسلام، قال:«اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ تَأَمَّرْ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ»(١٩). فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذًا، وأمره مطاعًا، وأنتم تعلمون أنه مِنْ عَهْد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه والأمة الإسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز، وبنو مرْوان في الشام، والمختار بن عبيد وغيرهم في العراق، تفرَّقت الأمة، وما زال أئمة الإسلام يَدِينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وإن لم تكن له الخلافة العامة، وبهذا نعرف ضلال مَنْ؟
ضلال ناشئة نشأت تقول: إنه لا إمام للمسلمين اليوم، فلا بيعة لأحد، نسأل الله العافية، وهؤلاء لا أدري هل يريدون أن تكون الأمور فوضى، ليس للناس قائد يقودهم؟ ! هل يريدون أن يقال: كل إنسان أمير نفسه؟ !