قال:(ويجب) يعني يجب الجهاد (إذا حضره) يعني يكون فرض عين إذا حضر الإنسان القتال؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: ١٥، ١٦]، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن التولي يوم الزحف من الموبقات؛ حيث قال:«اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ»، وذكر منها «التولِّي يَوْمَ الزَّحْفِ»(٥)، إلا أن الله تعالى استثنى حالين:
الأولى: أن يكون متحرفًا لقتال، بمعنى أن يذهب لأجل أن يأتي بقوة أكثر.
والثانية: أن يكون منحازًا إلى فئة بحيث يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب الآخر تكاد تنهزم، فيذهب من أجل أن يتحيز إليها تقوية لها، وهذا الأخير بشرط، هذا الأخير يشترط فيه ألا يخاف على الفئة التي هو فيها، فإن خاف على الفئة التي هو فيها فإنه لا يجوز أن يذهب إلى الفئة الأخرى. إذن يكون في هذه الحال إذا حضره واجبًا، فرض عين، لا يجوز عنه الانصراف.
الثاني: إذا حصر بلده العدو: يجب عليه القتال دفعًا عن البلد، وهذا يشبه من حضر الصف في القتال؛ لأن العدو إذا حصر البلد فلا بد من الدفاع؛ إذ إن العدو سيمنع الخروج من هذا البلد، وسيمنع الدخول إلى هذا البلد، وسيمنع ما يأتي لهم من الأرزاق، وغير ذلك مما هو معروف، ففي هذا الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعًا عن بلدهم.