الشيخ: يكون بهما، تارة يجب بالمال في حال من لا يقدر على الجهاد ببدنه، وتارة يجب على البدن في حال من لا مال له، وتارة يجب بالمال والبدن في حال القادر ماليًّا وبدنيًّا، وكما تقرؤون القرآن يذكر الله عز وجل الجهاد بالمال والجهاد بالنفس، وربما يقدم الجهاد بالمال في الآيات كلها أو أكثرها، يقدم الجهاد بالمال؛ لأن الجهاد بالمال أهون على النفوس من الجهاد بالنفس، وربما يحتاج الجند إلى المال أكثر مما يحتاجون إلى الرجال.
يقول:(وتمام الرباط أربعون يومًا)، أفاد المؤلف أن هناك رباطًا، فما هو الرباط؟ الرباط مصدر رابط، والرباط: هو لزوم الثغر، الثغر: هو المكان الذي يخشى دخول العدو منه إلى أرض المسلمين، وأقرب ما يقال فيه -بالنسبة لواقعنا- أنه الحدود، هذه الثغور، الثغور هي الحدود التي بين الأراضي الإسلامية والأراضي الكفرية، يسن للإنسان أن يرابط؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: ٢٠٠]، وأول ما يدخل في الآية الرباط على الثغور، يرابط الإنسان ليحمي بلاد المسلمين من دخول الأعداء، ويجب على المسلمين أن يحفظوا حدودهم من الكفار؛ إما بعهد وأمان، وإما بسلاح ورجال، حسب ما تقتضيه الحال.
الرباط أقله ساعة، يعني: لو ذهب الإنسان بالتناوب مع زملائه ساعة واحدة حصل له أجر، وتمامه أربعون يومًا، هكذا جاء في الحديث الذي يقول: رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب (٨).
ولكن لو زاد على الأربعين هل له أجر؟ نعم له أجر، لا شك. ثم هل يذهب بأهله إلى هذه الثغور ليسكنوا معه، أو الأولى ألا يذهب بهم خوفًا عليهم؟