الشيخ: نعم، فيه تفصيل، إذا كان الثغر مخوفًا فلا ينبغي أن يذهب بأهله، وإذا كان غير مخوف فالأولى أن يذهب بهم ليزداد طمأنينة؛ لأن الإنسان إذا كان بعيدًا عن أهله فإنه سوف يكون مشوش البال بالنسبة لحال أهله.
(وتمام الرباط أربعون يومًا)، إذن ما هو الرباط؟ لزوم الثغور، أي الحدود بين المسلمين والكفار.
(وإذا كان أبواه مسلمين لم يجاهد تطوعًا إلا بإذنهما)، (إذا كان أبواه) أي: أبوا الشخص، يعني أمه وأباه، وأُطلق عليهما الأبوان من باب التغليب؛ كما يقال: القمران للشمس والقمر، ويقال: العمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فإذا كان الإنسان له أبوان مسلمان وأراد الجهاد تطوعًا فإنه لا بد من إذنهما، فإن أذنا له وإلا حرم عليه الجهاد.
فإن قال قائل: هل يلزم استئذان الأب والأم في كل تطوع قياسًا على الجهاد، بمعنى إذا أراد أن يقوم الليل يشترط إذن الأبوين؟ إذا أراد أن يصلي الراتبة يستأذن الأبوين؟ إذا أراد أن يطلب العلم يستأذن الأبوين؟
نقول: لا يشترط، والفرق أن الجهاد فيه خطر على النفس، وسوف تتعلق أنفس الأبوين بولدهما الذاهب إلى الجهاد، وسوف يحصل لهما قلق، بخلاف ما إذا سافر لطلب علم في بلد آمنة، أو إذا تطوع في بلده بشيء من التطوع، فإن ذلك لا ضرر على الأبوين فيه، وفيه له منفعة.
ولهذا نقول: ما فيه منفعة للإنسان ولا ضرر على الأبوين فيه فإنه لا طاعة للوالدين فيه؛ منعًا أو إذنًا، لماذا؟ لأنه ليس فيه ضرر، وفيه مصلحة، وأي والد يمنع ولده من شيء فيه مصلحة له وليس على الوالد فيه ضرر فإنه مخطئ فيه، وقاطع للرحم؛ لأن الذي ينبغي للأب أن يشجع أولاده -من بنين أو بنات- على فعل كل خير.
ونظير هذا بعض النساء تمنع ابنتها من الصوم، من صوم أيام البيض، أو من صوم يومي الإثنين والخميس، تقول: يا بنية هذا يكلف عليك، يا أمي ما فيه كلافة، قالت: يا بنتي فيه كلافة، من الذي يحس بالكلافة؟
طلبة: الصائمة.