فنقول: لا، أما قولنا: إن الأحسن أن يضاف إلى الغنيمة لأن إحراقه إضاعة مال، فالجواب عنه أنَّ المقصود بهذا التحريق هو أيش؟ التنكيل بهذا الرجل، ومصلحة التنكيل أكبر من مصلحة ما يُضَمُّ إلى بيت المال أو إلى الغنيمة من المال، فيكون بهذا مصلحة أكبر من مصلحة المال الذي يحصُل لو لم يُحَرَّق، وأما كونه يُحَرَّق ولا يُتْلَف بنوع آخر أو يُتصَدَّق به فلأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم، وقال يزيد بن جابر: السُّنَّة في الذي يَغُلّ أن يُحْرَقَ رَحْله (١٩).
ولكن هل كلام المؤلف صحيح في أنه يجب إحراقه؟ أو نقول: إن الإحراق راجع إلى اجتهاد الإمام؟
المذهب أنه يجب إحراقه، والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن هذا راجع إلى اجتهاد الإمام، فإن رأى من المصلحة أن يُحَرَّق حَرَّقَه، وإن رأى أن يُبقِيَه أبقاه، ولكن لا بد أن يُنَكِّل بهذا الغالِّ.
قال:(وَإِذَا غَنِمُوا أَرْضًا)، (وَإِذَا غَنِمُوا) الواو، وهي الفاعل، تعود على المسلمين، (أَرْضًا) يعني: من الكفار فَتَحُوهَا (بالسَّيْفِ) ويسمى الفتح بالسيف: عَنْوة؛ لأنهم أخذوها قهرًا.
فإذا فتحوا أرضًا بالسيف يقول:(خُيِّرَ الإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا وَوَقْفِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ويضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا) إلى آخره.
مثال ذلك: قاتل المسلمون قرية ففتحوها، وجلا عنها أهلُها، وصارت بأيدي المسلمين كالغنائم من الأمتعة وغيرها مما يُنقَل، فماذا نصنع؟
نقول: يُخيَّر الإمام بين شيئين: إما أن يقسِمَها بين الغانمين، وإما أن يوقِفها على المسلمين عمومًا، ويضرب عليها خَراجًا مستمرًَّا، فإن قَسَمَها على المسلمين فله في ذلك سَلَف، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قَسَمَ أرض خيبر بين المسلمين (٢٠).