للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديث القُلَّتينِ نقول: العلماء اختلفوا في تصحيحه؛ فمَنْ قال: إنه ضعيفٌ، فلا معارضة بينه وبين الحديث الآخر؛ لأنه لا يقاومه حيثُ كان ضعيفًا، والضعيف لا تقوم به الْحُجَّة.

وإذا صحَّحْناه يقولون: إنَّ له منطوقًا ومفهومًا؛ فمنطوقه: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ» أو «لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»، وليس هذا أيضًا على عمومه؛ لأنه يُستثنى منه إذا تغيَّر، فليس على عمومه، حتى منطوقُه ليس على عمومه. مفهومه: أن ما دون القُلَّتينِ يَنْجُس، فيقال: ينجس إذا تغيَّر بالنجاسة؛ لأن منطوق الأول مقدَّمٌ على المفهوم، وهذا أصحُّ، ويؤيده -مع تأييد الأدلة الأثرية- تؤيده الأدلَّةُ النظريةُ؛ وذلك لأن الْخَبَثَ عينٌ قبيحةٌ، النجاسات كلها عينٌ قبيحةٌ، فإن وُجِدَ لها أَثَرٌ في الماء صار حُكْم الماء حُكْمَها، وإن لم يوجَدْ لها أَثَر ارتفع المحذور، فما الذي يجعلنا ننقل هذا الماء الطَّهورَ إلى وصْفِ الخبث والنجاسةِ بدون أيِّ سببٍ إلا لمجرَّد الملاقاة؟ !

طالب: ( ... ).

طالب آخر: بعضهم نَسَبَ إلى شيخ الإسلام أنه قال: إن هذا الحديثَ الصحيحَ موقوفٌ على ابن عُمَر، هذه النسبة صحيحة؟

الشيخ: واللهِ ما أعرف، ما أدري، لكن إذا كان موقوفًا على ابن عُمَر فلا يكون فيه حُجَّة.

الطالب: بعضهم نَسَبَ هذا الكلام إلى شيخ الإسلام.

الشيخ: واللهِ ما اطَّلعتُ عليه.

طالب: شيخ، المنطوق ما يقوِّيه الإجماع؟

الشيخ: إلَّا، يقوي الإجماع، ويضعِّف حديث القلتين أيضًا أنه ليس على إطلاقه وعمومه؛ فإنه إذا نجس ولو بَلَغَ القُلَّتينِ ينجس، مع أن ظاهره أنه لا ينجس مطْلقًا.

المهم أنه عندنا لو فَرَضْنا تكافؤَ الأدلَّة الأثرية فعندنا الدليل العقليُّ النظريُّ؛ وهو أن هذه العين النجسة الخبيثة إذا لم تؤثِّر شيئًا فلا أَثَر لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>