الشيخ: طَهورٌ، الماء طَهورٌ لكنْ لا يرفعُ حَدَثَ الرجُلِ؛ الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا يَتَوَضَّأِ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ، وَلَا الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ»(١٠)، هذا الدليل، قالوا: فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الوضوء به، والنهي يقتضي الفساد، فإذا توضَّأ فقد فَعَل عبادةً على وجهٍ منهِيٍّ عنه فلا تكون صحيحة، هذا هو الدليل.
لكن مِن غرائب العلم أنهم استدلُّوا به على أن الرَّجل لا يتوضَّأ بفضل المرأة، ولم يستدلُّوا به على أن المرأة لا تتوضَّأ بفضل الرَّجل، وقالوا: إنه يجوز أن تتوضَّأ المرأة بفضل الرَّجُل، وهذا من الغرائب، ما دام الدَّليلُ واحدًا، والحكْمُ واحدًا، ومُقَسَّمٌ تقسيمًا؛ «لَا يَتَوَضَّأِ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَلَا الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ» فما بالنا نأخذ بقِسْمٍ ولا نأخذ بالقِسْم الثَّاني، مع العلم بأن القِسم الأول قد ورد في السُّنة ما يدلُّ على جوازه؛ وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم تطهَّر مِن فضْل ميمونة (١١)، ولم يَرِد في القِسم الثاني ما يدلُّ على الجواز وهو أنَّ المرأة تتوضأ بفضْل الرَّجُل، وهذه أيضًا غريبةٌ ثانيةٌ أنَّ القِسمَ الذي وردت السُّنة بجوازه هو الذي يُمْنَع والقِسمَ الذي لم تَرِدْ به السُّنة هو الذي لا يُمنَع، ولكن هذا مما يدلُّ على أن الإنسان مهما بَلَغَ من العلم فإنه ضعيفٌ.
نرجع إلى حكْم المسألة على المذهب الآن؛ فهِمْنا الآن أن المرأة إذا خَلَتْ بماءٍ طَهورٍ يسيرٍ وتوضَّأتْ منه أو اغتسلتْ منه فإن الرجل لا يتوضأ به ولا يغتسل به، والدَّليل الحديث الذي ذكرناه.
نشوف الآن (ولا يرفعُ حَدَثَ رجُلٍ).
لو أراد هذا الرَّجُل أن يُزيل به نجاسةً على بَدَنه أو في ثوبه تطهُر ولّا لا؟