للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: الدليل على ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» (٩)، وفي رواية: «وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا» (١٠)؛ قالوا: هذا يخصِّص عمومَ قوله صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (٨)؛ فإن الأرضَ كلمةٌ عامَّةٌ، لكن (تُراب) خاصٌّ، فيُقيَّد العامُّ بهذا؛ بالتراب. هذا هو دليلهم، ولكن هذا الدليل رفَضَه جمهورُ العلماء وقالوا: إنه إذا قُيِّد اللفظُ العامُّ بما يوافق حكْمَ العامِّ فإنه ليس بقيدٍ.

يعني تقرير هذه القاعدة: ذِكْر بعضِ أفراد العامِّ بحكْمٍ يوافق حكْمَ العامِّ لا يقتضي تقييدَه، وكذلك ذِكْر بعضِ أفراد العامِّ بحكْمٍ لا يخالف العامَّ لا يقتضي تخصيصه.

وقد نصَّ على هذه القاعدةِ كثيرٌ من العلماء منهم: الشوكاني في نيل الأوطار، ومنهم كذلك الشنقيطي في تفسيره على هذه الآية؛ آيةِ التيمُّم، على أنه إذا ذُكِر بعضُ أفراد العامِّ بحكْمٍ يوافق العامَّ فإنه لا يقتضي التقييد.

توضيح هذه القاعدة: مثلًا إذا قلت: أكْرِم الطلبةَ. هذا عامٌّ ولَّا لا؟

الطلبة: نعم.

الشيخ: ثم قلت: أكْرِم فلانًا، وهو من الطلبة؛ هل يقتضي هذا تخصيصَ العامِّ ونقول: إنك لا تكرم إلا فلانًا.

الطلبة: لا.

الشيخ: لا، ليش؟ لأنك الآن ذكرتَ فلانًا بحكْمٍ يوافق العامَّ، فلا يخصِّصه، لكن لو قلتَ: لا تُكْرِم فلانًا، وهو من الطلبة، صار هذا تخصيصًا للعامِّ؛ لأني لما قلتُ في الأول: أكْرِم الطلبة، دَخَلَ فيهم هذا الرجل، فإذا قلت: لا تُكْرِمه، خَرَجَ، فصار هذا هو التخصيص؛ لأني ذكرتُه بحكمٍ يخالف حكمَ العامِّ، انتبه لهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>