للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك أن بعض العلماء قال في قوله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي الرِّقَةِ رُبُعُ العُشْرِ» (١١): يخصِّص عمومَ الأدلَّةِ الدالَّةِ على وجوب زكاةِ الفضة مطْلقًا؛ لأنه قال: «وَفِي الرِّقَةِ» والرِّقَة هي السكة المضروبة على قولهم، فنقول: إن سلَّمْنا لكم أن الرِّقَة هي الفضَّة المضروبة فإنَّ هذا ذِكْر بعض أفراد العامِّ بحكْمٍ موافقٍ للعامِّ، وهذا لا يقتضي التخصيص.

إذَن نرجع إلى ما نحن فيه: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» عامٌّ ولَّا لا؟

الطلبة: عامٌّ.

الشيخ: «الْأَرْضُ» يشمل الرمليةَ والترابيةَ والحجريةَ، يشمل كلَّ هذا، «جُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا» أو «تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» هذا قيدٌ، لكنه قيدٌ بما يوافق العامَّ المطْلَقَ فلا يكون مخصِّصًا، وهذا هو الصواب.

إذَن نقول: لا يجب التيمُّم بترابٍ، بلْ تتيمَّم بكُلِّ ما تصاعَدَ على وجْه الأرض؛ لأن الله يقول: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦]، {صَعِيدًا}، والصعيد: كلُّ ما تصاعدَ على الأرض فهو صعيدٌ، والله عز وجل يعلم أن الناس في أسفارهم يطرقون أراضيَ رمليَّةً، وأراضيَ حجريَّةً، وأراضيَ ترابيَّةً، ولم يخصِّص شيئًا دون شيءٍ، والنبيُّ عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك لا شكَّ أنه مرَّ برمالٍ كثيرةٍ، ومع ذلك فلمْ يُنقَل أنهم كانوا يحملون الترابَ، ولا أنهم كانوا يصلُّون بدون تيمُّمٍ، وعليه فيكون القولُ الصحيحُ أنه لا يُشترط الترابُ.

اشترط المؤلف أيضًا: (طَهُور)، وهو إشارةٌ إلى أن الترابَ ينقسم إلى ثلاثة أقسام: طَهور، وطاهر، ونجس؛ كما أن الماء عندهم ينقسم إلى ثلاثة أقسام: طَهور، وطاهر، ونجس.

فخرج بقوله: (طَهُور) الترابُ النجسُ؛ مثل أن تجد بقعةً قد أصابها بولٌ ولم يُطهَّر ذلك البول، فهل تتيمَّم منها؟

الطلبة: لا.

الشيخ: لا، لأنها ليستْ بطَهورٍ.

ما الدليل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>