للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقولون: إن هذا أيضًا على خلاف القياس؛ لأن هذا العامل قد يعمل مدة شهرين، ثلاثة، أربعة، ثم لا يربح، فيكون عمله ذهب سُدًى، ففيه جهالة، وقد يربح أكثر مما نتوقع، قد نتوقع أنه يربح مثلًا في عشرة آلاف ألفًا، فيربح عشرة آلاف، فيكون هذا العقد غررًا، فهو إذن على خلاف القياس.

نحن نقول: ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس.

ونقول فيما ادُّعي أنه على خلاف القياس، نقول: هذا على وفق القياس ونبين ذلك، أو نقول: خالف القياس لمصلحة راجحة، والمحظور الشرعي إذا قابلته مصلحة راجحة أرجح منه صار جائزًا بمقتضى ترجُّح المصلحة، وإذا كان الشرع يُحرِّم الشيء لأن إثمه أكبر؛ فإنه يبيح الشيء إذا كانت مصلحته أكبر، ولهذا العبارة المشهورة: درء المفاسد أوْلَى من جلب المصالح. هذه يجب أن تكون مقيدة بما إذا تساوت المفاسد والمصالح، أو غلب جانب المفاسد، وإلا فإنه قد يكون في بعض الأشياء مصلحة ومضرة فترجح المصلحة، فيُحلَّل من أجل هذا الرجحان.

نذكر الآن باب السَّلَم، فنبين أولًا أنه ليس على خلاف القياس؛ لأن الجهالة أو بيع المعدوم فيما إذا كان معينًا، إذا كان معينًا مثل أن أقول: بعتُك حمْل ما تحمله هذه الشاة، هذا معدوم، ومُعيَّن ولَّا غير معين؟

الطلبة: معين.

الشيخ: معين بمكان خاص، ولهذا لو أسلمت إليه في ثمر بستاني المعين صار السَّلَم حرامًا؛ لأنه بيع معدوم، السَّلَم ليس بيعَ معدوم، وإنما هو التزام الشخص بما تم العقد عليه في ذمته، ما يتعلق بشيء معين، وبهذا زال المحظور والغرر.

ثانيًا: نقول: وعلى تقدير أن يكون من باب بيع المعدوم فإن فيه مصلحة تربو على مفسدته، ما هي المصلحة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>