للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن (ويديه إلى كوعيه) ما هو الدليل أن اليدين إلى الكوعين؛ لأن بعض العلماء يقول: يمسح إلى المرفقين؟

نقول: الدليل أن الله عز وجل يقول: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، و (اليد) إذا أطلقت فالمراد بها الكف؛ بدليل أن الله عز وجل لما قال في السارق والسارقة: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، منين تقطع يد السارق؟ من مِفْصَل الكف، هذا من القرآن.

من السنة: حديث عمار بن ياسر أنه أصابته جنابة وهو في سفر، فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا» وضرب بيديه الأرض ومسح الكفين فقط (١) لم يمسح الذراع.

فعندنا دليل من القرآن ومن السنة على أن الفرض يختص باليدين إلى الكوعين.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن التيمم إلى المرفقين، واستدلوا بحديث ضعيف: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ» (٢) واستدلوا أيضًا بقياس؛ قياس التيمم على الوضوء.

فنقول في الرد على هذا القول: أما الحديث فضعيف وشاذ مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على أن التيمم ضربة واحدة وأنه إلى الكوع فقط.

وأما القياس فهو ضعيف من وجهين:

الوجه الأول: أنه مقابل للنص، والقياس المقابل للنص مردود، ويسمى عند الأصوليين: فاسد الاعتبار.

الوجه الثاني: أنه قياس مع الفارق، وجه الفرق: أن طهارة التيمم مختصة بعضوين، وطهارة الماء بأربعة أعضاء في الوضوء، وبالبدن كله في الجنابة مثلًا.

ثانيًا: أن طهارة الماء تختلف فيها الطهارتان، وطهارة التيمم لا تختلف.

ثالثًا: أنه لا يُحمل المطلق على المقيد إلا إذا اتفقا في الحكم، وأما مع اختلافهما في الحكم فإنه لا يُحمل المطلق على المقيد.

هذه وجوه ثلاثة يُرَد بها على من قال: إن التيمم إلى المرفقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>