للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك أيضًا وجه رابع؛ وهو أن يقال: إن طهارة الماء فيها تنظيف حسي كما أنها تطهير معنوي، أما طهارة التيمم فليس فيها تنظيف حسي؛ ولهذا لا يكلف الإنسان أن يحسر عن ثوبه حتى يمسح الذراعين.

الفرض الثالث والرابع قال: (وكذا الترتيب والموالاة في حدث أصغر) الترتيب بأن يبدأ بالوجه قبل اليدين؛ لأن الله قال: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} فبدأ بالوجه، فالترتيب أن نبدأ بالوجه ثم اليدين.

أما الموالاة: فألَّا نؤخر مسح اليدين عن مسح الوجه زمنًا لو كانت الطهارة الوضوء بالماء لجفَّ الوجه قبل أن يُطهِّر اليدين، طبعًا ما نقول هنا: يجف التراب؛ لأن التراب جاف، لكن لو قدَّرنا أنه ماء لجفَّ قبل أن يتيمم على اليدين، فإن التيمم هنا أيش يصح ولَّا لا؟ لا يصح، لماذا؟ ما هو الدليل؟ قالوا: الدليل: لأن طهارة التيمم بدل عن طهارة الماء، والبدل له حكم المبدَل، فلما كان الترتيب في الوضوء والموالاة في الوضوء واجبين كانا واجبين كذلك في التيمم عن الحدث الأصغر، أما في الأكبر لو تيمم الإنسان عن جنابة وبدأ بمسح الكفين قبل مسح الوجه يجوز؟

طالب: نعم.

الشيخ: يجوز، يقولون: لأن الجنابة ما فيها ترتيب.

ولكن الذي يظهر أن نقول: إن الترتيب إما واجب في الطهارتين، وإما غير واجب في الطهارتين؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل التيمم بدلًا عن الطهارتين جميعًا والعضوان للطهارتين جميعًا، إي نعم، والله أعلم.

***

( ... ) هذا اليوم وهو آية النساء ما فيها (منه) {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٤٣]، وآية النساء سبقت آية المائدة بسنوات سبقتها بسنوات.

وأيضًا الرسول عليه الصلاة والسلام ثبت في رواية عند البخاري (٣): أنه لما ضرب بيده الأرض -في حديث عمار- نفخ فيهما، والنفخ يزيل الغبار وأثر التراب، وهذا أيضًا دليل على أنه لا يجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>