للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي اصطلاح الأصوليين: ما يَلْزَم من عدمه العدم ولا يَلْزَم من وجوده الوجود، فالوضوء مثلًا شرط لصحة الصلاة؛ يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة، وهل يلزم من وجوده وجود صحة الصلاة؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا، لو توضأ الإنسان قد لا يصلي.

أما قوله: (النية) فالنية: لغة القصد.

وأما شرعًا فهي: الإرادة الجازمة على فعل الشيء تُسمى: نية، ومحلها القلب، ولا تعلق لها باللسان إطلاقًا؛ ولهذا لا ينبغي النطق بالنية لا سرًّا ولا جهرًا، خلافًا لمن قال: إنه يُشرَع النطق بالنية سرًّا ليوافق اللسان القلب، أو قال: يُسن النطق بالنية جهرًا لإظهار الشعيرة وقياسًا على الحج؛ حيث قال الرسول عليه الصلاة السلام: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» (٤).

والصواب: أن النية لا يشترط التلفظ بها لا سرًّا ولا جهرًا، لا في الحج ولا في غير الحج، حتى في الحج لا يُشرَع أن تقول: اللهم إني أريد الحج، أو: اللهم إني أريد العمرة؛ لأن هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن تلبي بما قصدت؛ لبَّيك عمرة وحجًّا، أو لبَّيك حجًّا، أو لبَّيك عمرة.

النية، ثم اعلم أن النية نيتان: نية للتمييز والتعيين، ونية للاحتساب والثواب، والأهم؟

طلبة: الثاني.

الشيخ: الثاني أهم، وما أكثر ما ننسى هذا الثاني، أكثر ما ننوي النية التي للتمييز والتعيين؛ نويت أتوضأ، نويت أصلي الظهر، نويت أصلي العصر، وما أشبه ذلك، لكن نويت أن أفعل ذلك امتثالًا لأمر الله ومتابعة لرسول الله، هذا قليل جدًّا؛ يعني: يندر أن الإنسان يفتح الله عليه عند فعل العبادة ويقصد بها ذلك، مثلًا عندما أريد أن أتوضأ هل أنا أستحضر قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} وأنني كأني أقول: سمعًا لك يا رب وطاعة، ثم أشرع في الوضوء؟

طالب: هذا نادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>