للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه يستثنى من ذلك: إذا تيمم لصلاة الظهر التي يريد أن يجمعها مع صلاة العصر فإن التيمم لا يبطل بخروج وقت الظهر؛ لأن وقت المجموعتين واحد، ويستثنى أيضًا: إذا تيمم لصلاة الجمعة وصلى ركعة قبل خروج الوقت ثم خرج الوقت فإنه يتمها، وعللوا ذلك بأن الجمعة لا تقضى فبقي على طهارته.

أما الأول؛ وهو كون الصلاتين إذا جمعتا صارا وقتهما وقت لهما جميعًا واضح التعليل، أما الثاني فليس بواضح؛ لأنا إذا قلنا: إن خروج الوقت مبطل لزم أن تبطل الصلاة، وإذا بطلت وجب أن يخرج منها، ثم يصلي ظهرًا، عرفتم الآن الدليل أو التعليل؟ لكون التيمم يبطل بخروج الوقت، ما هو التعليل؟

طلبة: لأنه ضرورة.

الشيخ: لأنه ضرورة، فيتقدر بقدرها، وهذا التعليل -كما تشاهدون- تعليل عليل ليس بصواب؛ ولهذاالصحيح: أن التيمم لا يبطل بخروج الوقت، وأنك لو تيممت لصلاة الفجر مثلًا وبقيت على طهارتك إلى صلاة العشاء فتيممك صحيح.

والدليل على ذلك: أنهم يقرون بأن التيمم بدل عن طهارة الماء وأن البدل له حكم المبدل، هذا تعليل ينقض كلامهم.

أما الدليل من الكتاب والسنة فقد مر علينا: أن الله سبحانه وتعالى قال بعد أن ذكر الطهارة بالماء والطهارة بالتراب، ماذا قال بعد ذلك؟ {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦].

إذن فطهارة التيمم طهارة تامة، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (٦)، والطَّهور بالفتح: ما يتطهر به، وهذا يدل على أن التيمم مطهر وليس مبيحًا، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ» أو قال: «طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» (٧)، وهذه النصوص -كما ترى- واضحة، فعليه نقول: إذا تيمم للصلاة وخرج وقتها فإن التيمم لا يبطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>