للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن نقول في هذه المسألة: أولًا: لا نسلم تقسيم الماء ولا تقسيم ما هو بدل عن الماء إلى ثلاثة أقسام، وقد سبق لنا أن الصحيح من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام وغيره من أهل التحقيق: أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط: طهور، ونجس.

وعلى هذا، فالماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طهورًا، التراب المستعمل في طهارة واجبة يكون طهورًا، وحينئذٍ فلا حاجة إلى هذه الصفة؛ لأنها مبنية على تعليل عليل غير صحيح، هذا وجه.

الوجه الثاني: أن نقول: ما هو الدليل على ذلك؟ ما فيه دليل بل بالعكس الدليل على خلافه؛ فإن حديث عمار يقول: مسح وجهه بيديه (١)، بدون تفصيل، وظاهر كفيه ووجهه أيضًا ما فيه تفصيل. وعلى هذا فنقول: تمسح وجهك بيديك كلتيهما هكذا، وتمسح بعضها ببعض هكذا.

ثم قال المؤلف: (ويخلل أصابعه) وجوبًا ولَّا استحبابًا؟

طلبة: استحبابًا.

الشيخ: هنا وجوبًا، يخلل أصابعه وجوبًا بخلاف الماء، وفرقوا بين الماء والتراب بأن الماء أشد نفوذًا، فيدخل فيما بين الأصابع بدون تخليل، لكن التراب يحتاج إلى تخليل؛ لأنه ما هو بيجري، ليس سائلًا فيحتاج إلى أن تخلل الأصابع، فالتخليل هنا واجب، ولكن نحن نناقش في هذا الشيء ونقول: إن إثبات التخليل ولو سنة فيه نظر، فالرسول عليه الصلاة والسلام في حديث عمار لم يخلل أصابعه.

فإن قلت: ألا يدخل في عموم حديث لقيط بن صبرة: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» (١١)؟ الجواب: لا؛ لأن حديث لقيط بن صبرة في الماء يقول: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ»، فإن قلتم: نخلل بين الأصابع في التيمم فقل أيضًا: بالغ في الاستنشاق في التيمم، وإلا فلا يصح التفريق؛ ولهذا في نفسي من استحباب تخليل الأصابع شيء؛ لأنه لم يرد، ونحن نعلم جميعًا أن طهارة التيمم مبنية على التيسير والسهولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>