ولكن الصحيح في مسألة الشفعة أن الصلح عنها جائز؛ لأن المشتري صالَح الشفيع عن حقٍّ له يتعلق به حق الله ولَّا حق محض للآدمي؟ حقٌّ للآدمي محض، فإذا أسقط الآدمي حقه بعِوَض فلا بأس بذلك، وما المحظور؟
فالصواب: أن الشفعة تسقط وأن الصلح جائز.
أما المذهب فإن المصالِح المسكين يفوته الأخذ بالشفعة ويفوته العِوَض، يفوته جلد القاذف ويفوته أيضًا العِوَض.
الخلاصة الآن: عندنا أربعة أشياء لا يصح الصلح عنها، وهي: حد السرقة، وحد القذف، والشهادة، والشفعة.
والصحيح أن المصالحة عن الشفعة جائزة، وأن الصلح لازم؛ لأنه حق محض للآدمي، فإذا أسقطه بعِوَض فلا بأس به.
وأما بالنسبة للقذف فالصحيح أنه لا يصح الصلح؛ لكن للمقذوف أن يطالب بحقه إذا علم أن الصلح غير صحيح؛ لأنه إنما أسقطه بناءً على أيش؟ بناءً على أن الصلح صحيح وهو بيأخذ عِوَضًا عنه، فإذا لم يكن هناك عوض فلا يمكن أن يفوت حقه في المطالبة بحد القاذف.
وأما السرقة فالصلح لا يصح ويجب تنفيذ الحد.
ترك الشهادة: الصلح أيضًا لا يصح، وتجب إقامة الشهادة، مفهوم يا جماعة الآن؟
يقول المؤلف رحمه الله:(وتسقط الشفعة والحد) والصحيح أن الشفعة تسقط ( ... ).
مثال ذلك: لي نخلة عند الجدار، فارتفعت فصارت عسبانها على حوش جاري، يجب عَلَيَّ أن أزيل هذه العسبان، لماذا؟ لأن مالك الأرض يملك قرارها وهواءها، فإن أذن لي بذلك ورضي هل يلزمني أو لا؟
لا يلزمني؛ لأن الحق له، لكن إذا لم يرضَ فإنني أزيل ذلك، كيف أزيل هذه العسبان؟ إما بالقطع أو باللَّيّ.
في القرار: سَرَّح البطيخ على أرضي، فيجب على صاحبه أن يزيله عن أرضي إما بِلَيِّه وتوجيهه إلى جهة ملكه، وإما بقطعه، لماذا؟ لأن هذا ملكي، ولا يمكن أن يتسلط عليَّ، فإن تصالحت أنا وإياه على أن تكون الثمرة التي في هذا الغصن الممتد بيني وبينه فإنه يجوز.