وقد تكون في المنافع لا في الأعيان؛ كما لو منحت رجلين الانتفاع بهذا البيت فقلت لهما: انتفعا بهذا البيت ما دمتما في هذا البلد. هذا اجتماع في استحقاق ولَّا في تصرف؟
طلبة: في استحقاق.
الشيخ: في استحقاق؛ لأنهما استحقا منفعة هذا البيت، استحقاه فيكون هذا الاجتماع في الاستحقاق.
إذن كل شريكين في عين أو منفعة على سبيل الملك؛ أي: أن ذلك ملك بينهما نسميه شركة استحقاق. أما شركة التصرف فهي التي تحتاج إلى تعاقد بين الشريكين، وهي التي قسمها المؤلف إلى الأقسام الخمسة الآتية. هذه تسمى شركة العقود؛ لأنها ثبتت بالتعاقد بين الطرفين.
واعلم أن من رحمة الله عز وجل وتوسيعه على عباده أن أباح عقود الشركة؛ وذلك أن الإنسان قد لا يستطيع الاستقلال باستغلال ملكه.
هذا رجل عنده أموال كثيرة، لكنه مشلول، أو زمِن، أو أعمى، أو مريض، فيعطي غيره من هذا المال لينتفع به ويتجر به ويكون الربح بينهما، فالإنسان لما كان قد لا يستطيع الاستقلال بالتصرف في ماله أباح الشارع للعباد جميعًا أن يشتركا بينهما.
وهل المشاركة أفضل أم الانفراد؟
يرى بعض العلماء أن المشاركة أفضل؛ لما فيها من التعاون والتآخي، وكل واحد منهما يحب لأخيه ما يحب لنفسه. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ»(١). ولأن كل واحد منهما ينتفع بما عند الآخر من مال أو عمل، فكان الاشتراك أفضل.