لهذا نقول: إن الفلوس لا يجوز أن تُجْعَل رأس مال في الشركة، لماذا؟ لأنها تزيد وتنقص، وهذا بناءً على ما كان معروفًا في عهد العلماء الذين اشترطوا هذا الشرط، أما في وقتنا الآن فإن عشرين قرشًا تساوي ريالًا، ولا يزيد ولا ينقص، لكن على فرض أن الفلوس قد تزيد وتنقص ممكن نحول المسألة إلى القول الراجح؛ أنه يجوز أن يكون رأس المال عرضًا، وتُقَدَّر قيمته عند العقد ليرجع إليها.
قال المؤلف رحمه الله:(ولو مغشوشين يسيرًا) النقدان الأصل أن الدنانير ذهب خالص وأن الدراهم فضة خالصة، لكن يوجد بعض الناس يغش؛ يخلط مع الذهب معدنًا آخر لا يتغير به لونه، لكن ذات الدينار مخلوطة، وكذلك يقال في الدراهم، فهل يصح أن تُجْعَل الدنانير المغشوشة رأس مال في الشركة؟
نقول: في هذا تفصيل؛ إن كان الغش يسيرًا فلا بأس، وإن كان الغش كثيرًا فإنه لا يجوز؛ لأن الدراهم والدنانير المغشوشة تُتَّخَذ سِلعًا يُتَّجَر فيها؛ لأن الناس ما هم مأمونون، فلا يصح أن تكون الدنانير والدراهم مغشوشة كثيرًا، أما اليسير فإنه لا بأس به، قالوا: لأنه لا يخلو الذهب منه ولا الفضة غالبًا؛ لأن الذهب لو جُعِلَ خالصًا ما صار بهذه المتانة، لصار لينًا؛ كل شيء يؤثر عليه، فلا بد أن يُدْخَل معه أجزاء تجعله صلبًا لا يتثنى، كل هذا الذي قاله المؤلف غير موجود عندنا الآن؛ لأن ضبط النقود الآن أقوى بكثيرٍ من ضبطها فيما سبق قديمًا، فإنه قديمًا يدخلها الغش؛ يمكِن أي واحد من التجار يجي ويسك له دنانير أو دراهم يقلد بها الدنانير والدراهم التي في أيدي الناس ويُدخِل فيها الغش، أما الآن فالمسألة مضبوطة، وهذا غير وارد، وهو قوله:(ولو مغشوشين يسيرًا).
(أن يشترطا لكل منهما جزءًا من الربح مشاعًا معلومًا) هذا يتضمن ثلاثة شروط في الواقع: أن يشترطا لكل منهما جزءًا من الربح، فإن شرط الربح لأحدهما فقط فإنه -على كلام المؤلف- لا يصح.