اتفقا على أن يأخذَا بجاهيهما ويعملَا بهذا المال الذي أخذاه، وما ربحَا فبينهما، هذه نسميها شركة الوجوه، اشتركَا بماذا؟ اشتركَا ببدن، صح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لكن المال من غيرهما، وبهذا يحصل الفرق بينها وبين شركة العِنَان؛ لأن شركة العنان كما سبق يُحْضِر كل واحد منهما مالًا من عنده ويشتركان فيه، أما هذه فهما فقراء ليس عندهما مال، لكن اشتريَا شيئًا بذمتيهما أو استقرضَا شيئًا ثم اشتريَا به بذمتيهما، فتسمى هذه شركة الوجوه، بمعنى الجاهات، ليس معنى الوجوه اللي في الرؤوس.
فإن قال قائل: هل هذا أمر مشروع وجائز أو لا؟ يعني أصل هذه المسألة هل ينبغي للإنسان أن يعمل هذا العمل؟
نقول: سبق لنا أنه لا ينبغي للإنسان أن يستَدِين؛ لأن هذا يُثْقِل كاهله، وربما لا يقدر على قضاء الدَّيْن فيما بعد، فهذان الرجلان اللذان اشترَكَا بجاهيهما، لنفرض أنهما ذهبَا إلى رجل تاجر واشتريَا منه عشر سيارات، كل واحدة قيمتها ثلاثون ألفًا، كم صار عليهما؟ عشر سيارات من ثلاثين ألف، ثلاث مئة ألف.
هذان فقيران متى يحصل لهما ثلاث مئة ألف؟ ربما يتَّجِرَان بهذه السيارات ويبيعانها على أناس مُعْدِمين؛ لأن بعض الناس يجلبه الطمع، يأتيهم رجل فقير ويقول: هذه السيارة أنتم اشتريتموها بثلاثين ألفًا، أنا بأخذها منكم بخمسة وأربعين ألفًا إلى سنة، يقولو: خمسة عشر ألفًا في سنة واحدة، النصف، خذ. ويأتي الثاني ومثله، وهؤلاء الذين أخذوا السيارات معدمين فقراء.
إذن الشريكان اللذان اشتريَا بجاهَيْهِمَا يقيَا مشغولي الذمة، فيحصل بهذا ضرر عظيم، لهذا نقول: إن شركة الوجوه، وإن كان الفقهاء رحمهم الله يقولون: هذه شركة الوجوه، ويجوِّزونها في الأصل، لكنها لا تنبغي؛ لأنها خطر على الإنسان أن يُرْهِق نفسه بالديون، ثم تتلف عليه، وليس له وفاء.