فالصواب أن ما جرى به العرف يرجع إليه، فإن لم يوجد عرف فحينئذٍ ربما نرجع إلى ما قاله الفقهاء -رحمهم الله- ونقول: إن ما يعود بحفظ الأصل يكون على المالك، وما تعود مصلحته إلى الثمرة يكون على العامل.
طالب: يقدم الشرط.
الشيخ: يقدم الشرط؛ لأن هذا ما له حد شرعي، يرجع إلى ما اعتاده الناس وما شرطوه ( ... ).
سبق لنا في (باب المساقاة) ما يلزم العامل وما يلزم المالك، وأن ذلك يعود إلى أمرين؛ فما يحفظ الأصل ويصلح الأصل فهو على المالك؛ لأن الأصل له وسيبقى، وما يحفظ الثمرة فهو على العامل؛ لأن العامل ينمي الثمرة، وله منها نصيب بقدر ما اشترط، وليس له نصيب في الأصل.
سبق لنا أنه لا بد أن يكون السهم جزءًا مشاعًا معلومًا، وأنه لو ساقاه على أنه له ثمر السكري والآخر ثمر الشقر مثلًا فإن المساقاة لا تصح، وعلى أن له هذا الجانب وللآخر الجانب الآخر لا تصح؛ لأن المشاركة مبناها على الاشتراك في الغنم والغرم، فإذا عين لأحدهما جزءًا فإنه لا يكون الآخر شريكًا له في غنمه وغرمه، فيكون فاسدًا.
***
[باب المزارعة]
المزارعة هي: دفع أرض لمن يزرعها بجزء من الزرع، ولا بد أن يكون جزءًا مشاعًا معلوم النسبة، فخرج بقوله:(بجزءٍ) ما لو دفع الأرض لمن يزرعها بدون جزء، فهذا على ظاهر كلام المؤلف لا يصح.
وهو نعم لا يصح على سبيل المزارعة، لكن على سبيل المنحة يصح بلا شك، فإذا كان عند شخص أراض بائرة لا تزرع، وجاءه صديق له أو فقير وقال: خذ هذه الأرض ازرعها لمدة سنة أو سنتين، أو ازرعها ولا يقيد بسنة ولا سنتين فإن هذا جائز بلا شك، وهو يشبه المنيحة التي جاءت بها السنة أن يعطي الإنسان شاته أو بقرته أو بعيره لمن ينتفع بدره.
لو جعل الزرع كله للمالك يجوز أو لا؟
طلبة: ما يجوز.
الشيخ: نعم، ظاهر كلام المؤلف أنه لا يجوز؛ لأنه لا بد أن يكون بجزء، فإن جعل كله للمالك لم تصح.