للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا صحح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز استئجار الحيوان لأخذ لبنه، وقال: إن الله عز وجل أباح استئجار المرضع لأخذ لبنها، ولا فرق، ثم أخذ من هذا قاعدة وقال: إن الأعيان التي يخلف بعضها بعضًا بمنزلة المنافع، الأعيان التي يخلف بعضها بعضًا يعني معناه إذا ذهبت عين جاء بدلها أنها تكون بمنزلة المنافع، فاللبن إذا خلا الضرع منه امتلأ مرة أخرى وهكذا، فيجعل هذه الأعيان الذي يخلف بعضها بعضًا بمنزلة المنافع.

وما قاله شيخ الإسلام رحمه الله هو الصواب، وعلى هذا فيجوز استئجار الحيوان لأخذ لبنه، وله صورتان:

الصورة الأولى: أن يكون عندي سخلة صغيرة تحتاج إلى رضاعة، وليس عندي أم ترضعها، فآتي إلى هذا الرجل عنده أم ترضعها وأقول: خذ هذه السخلة أرضعها ولك في كل شهر كذا وكذا، وهذه كما تعلمون نظير الظئر من كل وجه، حتى صاحب الشاة والماعز الذي عنده شاة أو ماعز سوف يأخذ هذه السخلة ويذهب بها ويلقمها الثدي ويقوم عليها نوعًا من القيام، فهي تشبه تمامًا الظئر لا شك في هذا.

الصورة الثانية: أن أستأجر منك الحيوان لمدة أسبوع لأخذ لبنه، وهذه تقع أحيانًا، يأتي إلى الإنسان ضيوف وليس عنده من اللبن ما يكفيهم، فيقول: بدل ما أذهب أشتري من السوق لبنًا آخذ غنمًا من جاري أستأجرها منه كل يوم بكذا وكذا، هذا جائز أيضًا، وإن كان هذا يخالف الظئر من بعض الوجوه لكنه بمعناه؛ لأن المقصود من استئجار الظئر هو اللبن، هذا أيضًا المقصود منه اللبن، فيجوز أن أستأجر الحيوان لأخذ لبنه على الصورتين.

وهذا القول هو الراجح؛ لأن الأعيان التي يخلف بعضها بعضًا بمنزلة المنافع.

قال المؤلف: (وماء الأرض ونقع البئر يدخلان تبعًا) الله أكبر، هذا جواب سؤال مقدر، وهو أن الإنسان يؤجر أرضًا مثلًا ولنقل: إنه البيت، أجر بيتًا وفيه بئر يدخل استعمال الماء -ماء البئر- في الإجارة ولَّا لا؟

طالب: يدخل.

الشيخ: يدخل تبعًا، مع أن الماء لا ينتفع به إلا بذهاب عينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>