للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (في غير مائع)، المائع هو: السائل كالماء واللبن والمرق والدُهن المائع وما أشبه ذلك، والمطعوم: ما يُطعم كالخبز والقرصان وما أشبهها، يُعفى في غير هذين النوعين عما يأتي، ويش بقي مما سواهما، الثياب والبدن والفُرُش والأرض، والكُتُب مثلًا، وغير ذلك كثير، المهم أخْرِجِ المائع والمطعوم، وما سوى ذلك فإنه يُعفى عما ذُكر بالنسبة إليه، أما المائع والمطعوم، فلا يعفى عن اليسير من هذه الأشياء إذا وقع فيه، وسيأتي إشارة في التمثيل.

يقول: (عن يسير دم نجس)، كلمة يسير ضدها الكثير، فما هو الميزان لليسير والكثير؟ هل الميزان نفسُ كل إنسان بحسبه، فإذا رأى الإنسان أن هذا الشيء يسير فهو يسير، وإذا رأى أنه كثير فهو كثير، ويَستفتي كل إنسان قلبَه، أو أن العبرة بما جرى به العرف، وأن ما رآه الناس كثيرًا فهو كثير، وما رأوه يسيرًا فهو يسير؟

في هذه المسألة قولان للعلماء، ولكن الراجح أن المعتبر عُرْف الناس، ما عدَّه الناس كثيرًا فهو كثير، وما عدوه يسيرًا فهو يسير؛ لأننا لو رجعنا إلى كل إنسان بحسَبه لم ينضبط الحكم، إذ إن الموسْوس يكون اليسير في عينه كثيرًا، والمتهاون يكون الكثير في عينه يسيرًا، ولا يمكن الضبط.

لو قلنا بهذا القول لكان رجلان يصلّيان، في ثوب كل واحد منهما دم متساوٍ مع الآخر، فنقول لأَحدهما: بطلت صلاتك، ونقول للثاني: لم تبطل، ليش؟ لأن الثاني يرى أنه يسير، والأول يرى أنه كثير، وهذا غير مُناسب بالنسبة للشريعة العادلة، فاليسير إذن والكثير يُرْجَع فيهما إلى؟

طالب: عرف الناس.

الشيخ: إلى العرف، فما عدَّه الناس كثيرًا فهو كثير، طيب مثل أيش؟ مثل نقطة، نقطتين، ثلاث نقط، وما أشبه هذه كلها يسيرة.

قال المؤلف: (دم نجس)، أفادنا المؤلف في قوله: (دم نجس) أن هناك دمًا ليس بنجس، وهو كذلك، فإن الدماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

نجس لا يُعفى عن شيء منه، ونجس يعفى عن يسيره، ودم طاهر، فما هو الدم الطاهر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>