وأما إذا كان باقيًا فإنه يلزمه ولو غرم أضعافه؛ ولهذا قال المؤلف في الشرح: ولو غرم أضعافه؛ لكونه بُنِيَ عليه أو بعد ونحوه، حتى لو بُنِي عليه، غصب مني -مثلًا- حجرًا وحطه في أثاث البيت، البيت الآن قائم عليه، فجئت أطلبه هذا الحجر، قال: واللهِ الآن بنيت عليه، عليه عمود لو بأنقض العمود الآن يمكن يطيح البيت كله، ويش أقول له؟ أقول: نعم، ما علينا منك، أنا أريد أن تعطيني مالي حتى وإن خسرت أضعافه.
وهذا يدل على عظم الغصب، وأنه ليس بالأمر الهين، كما قال المؤلف، والمسألة فيها خلاف؛ فإن بعض أهل العلم إذا كان الضرر كثيرًا وليس لصاحبه غرض صحيح بعينه فإنه يُعْطَى مثله أو قيمته، خصوصًا إذا علمنا بأن قصد المالك المضارة بالغاصب.
وهذا القول له وجه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(٩)، ويقول:«مَنْ ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِهِ»(١٠). لكن لو كان هذا التضمين سبيلًا إلى تقليل الغصب والعدوان على الناس لكان القول بالمذهب أقوى من القول الثاني.
فإذن نقول -على القول الراجح-: الأصل أنه إذا كان يلزم على رده بعينه يلزم غرم كثير، وليس لصاحبه -أي: للمالك- غرض صحيح بعينه فإنه يضمن له بالمثل إن كان مثليًّا، وبالقيمة إن كان متقومًا، إلا إذا كان رد عين المغصوب مع الغرم الكثير يقتضي كف الناس عن الغصب والعدوان فهنا يتوجه القول بما قاله المؤلف رحمه الله ( ... ).
هذه المسألة؛ لو استأجرت شخصًا حرًّا فهل لي أن أوجره أو لا؟ هنا عندي عامل .. ، استأجرت عاملًا يعمل عندي بالشهر بمئة ريال، فهل لي أن أؤجره شخصًا آخر ولَّا لا؟ المذهب: لا؛ لأن اليد لا تثبت على الحر، لكن هو اللي يؤجر نفسه إذا شاء أن يؤجر.
ولو استأجرت عبدًا لمدة شهر فهل لي أن أوجره؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم؛ لأن العبد تثبت عليه اليد، كما لو استأجرت بعيرًا فلي أن أؤجره من يقوم مقامي لا بأكثر مني ضررًا.