لو طالب رب الأرض أن يبقي الغراس ويدفع القيمة ففيه تفصيل؛ إن كان للغاصب غرض صحيح بقلعه فإنه لا يجبر على إبقائه، كيف الغرض الصحيح؟ يقول: أنا بأقلع هذه النخل وأغرسها في أرضي، عند أرض بياض ما فيها نخل أبغي أقلعه وأغرسها في الأرض، ويمكن هذا ولَّا ما يمكن؟
طلبة: يمكن.
الشيخ: الآن فيه نخل يقلع وهو كبير ويغرس، ويسمى عندنا في العامية جسايس النخل، وإن لم يكن للغاصب غرض صحيح في امتناعه وإنما سيقلع هذا الغرس ويرميه في الشمس ويتلف فإننا لا نمكنه من ذلك، وذكرنا لهذا ثلاثة أوجه، بل أكثر.
الوجه الأول: أن هذا من الفساد، والله لا يحب الفساد.
الوجه الثاني: أنه إضاعة مال، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن إضاعة المال.
الوجه الثالث: أن في بقائه وإعطائه القيمة منفعة للغاصب، ورغبته عن المنفعة يعتبر سفهًا، وقد قال الله تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}[النساء: ٥]، فإذا منعنا أن نعطي هؤلاء أموالهم فكيف لا نمنع هذا أن نعطيه مالًا زيادة على ماله؟
الوجه الرابع: أن لصاحب الأرض حقًّا؛ حيث يقول: لولا هذه الأشجار التي غرسها الغاصب لكنت أنا قد غرست وصارت شجري كشجر الغاصب، الآن فقد فوت عليَّ منفعة الأرض طيلة هذه المدة، والرجل لا ينتفع بغراسه لو قلعه، فله حق في ذلك، فصار هذا معللًا بكم؟
طالب: بأربعة.
الشيخ: بأربعة أوجه، نعم.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(ولو غصب جارحًا أو عبدًا أو فرسًا فَحَصَّل بذلك صيدًا) أو: (فحصل بذلك صيدٌ) -نسختان- (فلمالكه).
(غصب جارحًا) ويش هو الجارح؟ {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِين}[المائدة: ٤]، الجارح كلب الصيد أو الطير الصقر وشبهه هذا الجارح؛ أي: ما يصيد من الكلاب أو من الطيور، إذا غصبه وحصل بذلك صيدًا فالصيد لمالك الجارحة لا للغاصب.