شوف الآن التغيُّر لا فرق فيه بين كَوْن الشيء مقصودًا أو غير مقصودٍ، ينتقل به الماء من الطَّهُوريَّة إلى النجاسة، أو إلى أن يكون طاهرًا غير مطهِّر، ومع ذلك الفقهاء يفرقون في مسألة الطاهر المطهِّر بين ما يشقُّ صون الماء عنه وما لا يشقُّ، ولو كان تغيُّر الماء بالطاهر ينقله من الطَّهورية إلى الطاهرية، لو كان كذلك لم يكن هناك فرقٌ بين ما يشقُّ صَوْنُه عنه وما لا يشقُّ كما قلنا فيما إذا انتقل الماء من الطَّهورية إلى النجاسة: لا فرق بين ما يشقُّ صَوْن الماء عنه وما لا يشقُّ. ما دام أن العلَّة تغيُّر الماء فلا فرق بين أن يكون مما يشقُّ صَوْنه عنه وما لا يشقُّ، فكونهم يفرقون يدلُّ على ضعف هذا القول.
(أو بساقطٍ فيه أو رُفِع بقليلِهِ حَدَثٌ).
ما دليل المذهب على أن هذا طاهرٌ غير مطهِّر؟
يقولون: لأنه ليس بماءٍ مطْلقٍ. هذه العِلَّة، ما فيه دليل، لكنْ يقول: لأنه ليس بماءٍ مطْلقٍ، وإنما يُقال: ماء كذا، فيضاف؛ كما يُقال: ماءُ وردٍ، وماءُ ريحانٍ، وما أشبه ذلك.
ولكننا نقول: إن هذا لا يكفي في نقله من الطَّهورية إلى الطهارة، اللهم إلا أن ينتقل اسمه انتقالًا كاملًا فيقال مثلًا: هذا مَرَقٌ، و: هذا شايٌ، و: هذا قهوةٌ، فحينئذ ما يُسمَّى ماءً، وإنما يُسمَّى شرابًا يُضاف إلى ما تغيَّر به، وأمَّا أنه يبقى على اسم الماء لكنه متغيِّرٌ لونُه أو طعمُه أو ريحُه بهذا الطاهر كما لو تغيَّر بأوراقٍ؛ مثلًا واحد حول مكتبة وهذه المكتبة يكون من الأوراق في هذا الماء، ما يُقال: إن هذا ماء أوراق، يُقال: هذا ماءٌ تغيَّر بورقٍ.