الشيخ: فيه صناعة، وهذا دليل على أن المثلي ليس كما خصه الفقهاء رحمهم الله بهذه القيود التي ليس عليها دليل، لكن الحكم صحيح، وهو قوله: إن المثلي يضمن بمثله، سواء زادت القيمة أم نقصت، فإذا أتلف شخص لي شيئًا غصبه وأتلفه وكان يساوي حين ذاك مئة درهم، وعند المطالبة لا يساوي إلا عشرة دراهم، هل لي أكثر من ذلك؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، ليس لي أكثر من ذلك، وعلى هذا فالمثلي يضمن بمثله؛ نقصت القيمة أم زادت، لو كان هذا الشيء الذي غصبه مني حين تلفه يساوي عشرة، وعند المطالبة يساوي مئة، هل أكون ظالِمًا له إذا ألزمته بإعطاء المثل مع الزيادة؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا؛ لأن لي المثل، سواء زادت أم نقصت، لكن بعض أهل العلم رحمهم الله يقولوا: إن النقص بالسعر كنقص الصفة، فكما أنك لو أخذت بعيرًا ونقص عندك تضمن نقصه، فإذا نقص سعره ضمنت نقصه، وهذا القول متجه جدًّا، لا سيما إذا كان الغاصب غصب هذا الشيء في موسمه ثم رده مع الكساد، فلا يمكن أن نقول: إنك لا ترد النقص.
يعني هذا الإنسان مثلًا غصب من شخص فراشًا في موسم تزيد فيه الفُرُش، غصبه منه وهو يساوي مثلًا ألف درهم، ثم عند المطالبة لا يساوي هذا الفراش إلا مئة درهم، هل نقول: إنه إذا ضمن هذا الفراش لا يعطى شيئًا؟ لا نقول بهذا، هذا في الواقع ظلم، نقول: الآن غصبت مني الفراش وذهبت بِعْتَه في ذلك اليوم بألف، والآن تأتي إليَّ وتقول: هذا فراشك لا يساوي إلا مئة؟ والله أعلم. ( ... ).
ثم قال المؤلف رحمه الله عندي بالشرح: و (ينبغي أن يستثنى منه الماء في المفازة، فإنه يضمن بقيمته في مكانه، ذكره في المبدع) يُسْتَثْنَى من هذا -على كلام المؤلف- الماء في المفازة، يعني: في المهلكة، (فإنه يضمن بقيمته في مكانه)؛ لأن الماء في المفازة يساوي قيمة كثيرة، فرجل مثلًا غصب قربة ماء في أرض مفازة من شخص، فلما وصلَا إلى البلد قال: أعطيك قربة ماء، ما تقولون في هذا؟