نعم يضمن؛ لأنه مُعْتَدٍ، لكن لو وضع الحجر لمصلحة السالكين، كما لو كانت الطريق وحلًا -يعني فيها طين انزلق- فوضع الحجر ليمشي الناس عليه، فنقول: إن كان له حق التصرف، كما لو كان من جهة المسؤولين عن الطرقات، فلا ضمان عليه.
وإن لم يكن له حق التصرف نظرنا؛ إن كان الطريق مشتركًا وجعل هذا بينه وبين جيرانه -والطريق المشترك هو الطريق المسدود- فهذا لا بأس به؛ لأن له حق التصرف فيه، وإن كان نافذًا فهذا محل نظر؛ لأننا نقول: إنه ليس لك الحق بأن تضع مثل هذه الأحجار، ودع الناس في الوحل ما عليك منهم، أما أن تضع حجرًا يكون سببًا لعثرة الناس فيه فهذا ليس إليك.
يقول المؤلف رحمه الله:(كالكلب العقور لمن دخل بيته بإذنه أو عقره خارج منزله)، إنسان عنده كلب عقور -كلمة عقور تدل على أن العقر من طبيعته وصفاته، بخلاف عقره إذا هُوجِم، فهذا لا يخلو منه كلب- فهذا إنسان عنده كلب عقور، فخرج الكلب إلى السوق وعقر الناس، فعليه الضمان، ولهذا قال: كالكلب العقور لمن عقره خارج المنزل، أو دخل المنزل بإذن رب المنزل، فإنه يضمن.
أما الأول الذي عقره خارج المنزل فظاهر؛ لأنه عقره في مكان لا يختص به صاحب الكلب، وكان على صاحب الكلب أن يربطه حتى لا يعقر الناس، وأما الثاني الذي عقره في المنزل لمن دخل بإذنه فلأن دخوله بإذنه يقتضي أن يكون في حمايته، ومن المعلوم أن كل صاحب مكان؛ أرض، بستان، بيت، إذا كان مستعدًّا لقدوم الضيوف وعنده كلب عقور فإن العادة أن يربط الكلب، فإذا لم يربطه ودخل إنسان بإذنه وعقره فعليه الضمان، فإن دخل بغير إذنه فليس عليه ضمان، لماذا؟ لأن الداخل مُعْتَدٍ، والكلب لم يخرج عن نطاق ملك صاحبه، فإذا دخل إنسان لهذا البيت ..