(كدفع الصائل عليه، وكسر مزمار، وصليب، وآنية ذهب وفضة، وآنية خمر غير مُحترم) ككسر مزمار؛ يعني كما لا يضمن من كسر المزمار، المزمار آلة من آلات اللهو، فإذا جاء شخص وكسَّرها فلا ضمان عليه؛ لأن هذا من باب تغيير المنكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ»(٨). ولأن هذه آلة لا يجوز الإقرار عليها، وكسرها وسيلة إلى ذلك إلى عدم الإقرار عليها، فكان في كسرها مصلحة.
إتلاف المزمار فيه ضمان ولَّا لا؟ فيه ضمان، إتلافه غير كسره؛ لأنه إذا كسره منع من استعماله في المحرم، لكن بقيت الآلة، مادة هذا المزمار من خشب ينفع، يقاد به النار حديد، ينفع يُحوَّل إلى قدور وأوانٍ، وما أشبه ذلك، لكن إتلافه بالكلية معناه أنه أزال عين هذا الشيء، وإزالة عينه أكثر من إزالة وصفِه الذي يصح أن يكون به مزمارًا، ولهذا قال المؤلف (وكسر مزمار) ولم يقل: وإتلاف.
يقول:(وصليب) كسر الصليب أيضًا لا ضمان فيه؛ لأن الصليب لا يجوز إقراره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يدع شيئًا فيه صليب إلا كسره (٩). فإذا وجد شخص صليبًا وكسره فلا ضمان عليه، وإن كان قيمته صليبًا أكثر من قيمته مكسرًا؛ لأن القيمة الزائدة بكونه صليبًا قيمة مُحرَّمة، وما كان محرمًا فليس له قيمة شرعًا؛ فإذا كسَّر الصليب مثلًا الصليب يكون له أربعة جوانب، كسر هذه الجوانب، وبقي عيدانًا، فليس عليه ضمان.
طيب لو أتلف الصليب يضمن، لكن هل يضمنه بقيمته صليبًا أو بقيمته مكسرًا؟ بقيمته مكسرًا.
وقال:(وآنية ذهب وفضة) آنية الذهب والفضة على المشهور من المذهب، لا يجوز استعمالها في أكْل ولا شرْب، ولا اتخاذها واقتناؤها، فإذا جاء إنسان وكسَّر الآنية حتى أصبحت فتاتًا من الذهب أو الفضة فليس عليه ضمان، لماذا؟