الخلاصة الآن: إذا قلنا بأن آنية الذهب والفضة يحرم استعمالها في الأكل والشرب وغيرهما واتخاذها فإن من كسرها لا ضمان عليه، وإذا قلنا: إنه يجوز اتخاذها أو استعمالها في غير الأكل والشرب فعليه الضمان.
طالب: الراجح؟
الشيخ: الراجح ما ذكرناه يضمن؛ لأنه يجوز استعمالها في غير الأكل والشرب.
قال:(وآنية خمر غير محترمة) يعني وكسر آنية خمر، فإنه لا يضمن، فلو وجد الإنسان زجاجة فيها خمر، وكسَّر الزجاجة فليس عليه ضمان، وهل يضمن الخمر؟
طلبة: لا.
الشيخ: الخمر واضح أنه لا يضمن؛ لأن يجب إتلافه، لكن الزجاجة، هل يضمنها أو لا؟ يقول المؤلف: لا يضمنها، قال:(وآنية خمر) ما قال: وخمر، (آنية خمر غير محترمة).
فإذا قال قائل: كيف لا يضمن الآنية والآنية في الأصل يُباح استعمالها؟
قيل: لأنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، فلما كانت هذه الآنية آنية بشيء مُحرَّم انسحب عليها حُكم المحرَّم، فصارت لا حُرمةَ لها.
قالوا: ويدل لذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حرَّق حانوت الخمَّار (١٠)، حرق حانوته، وهذا أبعد من الإناء الذي فيه الخمر.
وقال بعض العلماء: إنه إذا كسر آنية الخمر فهو ضامِن؛ لأن الآنية محترَمة، ويمكن إتلاف الخمر بدون كسر الإناء، صحيح لو كان هذا الإناء مختومًا لا يمكن إزالة الخمر، أو إتلاف إلا بكسره، فربما نقول: إن ما لا يتم الأمر إلا به فهو داخل في الأمر الذي أُبِيح، لكن إذا كان الإناء واسعًا بحيث تصب الخمر ويبقى الإناء، فكيف نقول بجواز التكسير؟
والصحيح أنه إذا كسر آنية الخمر، فإن كان لا يمكن إتلاف الخمر إلا بكسرها فلا ضمان، وإن كان يمكن إتلاف الخمر بدون كسرها فعليه الضمان؛ لأن الأصل في مال المسلم أنه محترَم.
وقول المؤلف:(آنية خمر غير محترَمة)(غير) هذه صفة، لكن ليست صفة لآنية، بل هي صفة لخمر؛ لأن من الخمر ما هو مُحترَم، لا يجوز إتلافُه، كيف؟