للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب عن الأول: أن قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ» أي: بول نفسه، (فأل) للعهد الذِّهني، والدَّليل على ذلك أنَّ في بعض ألفاظ الحديث عند البخاري: «أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ» (١١)، «مِنْ بَوْلِهِ» وهذا نَصٌّ صريح، فيحمل الأوَّل عليه، وتكون (أل) للعهد الذهني؛ لأن العادة أن الإنسان يتنزه من بوله كلما بال.

وأما الجواب عن الحديث الثاني النَّهي عن الصَّلاة في مبارك الإبل أو أعطان الإبل، فيقابل بالإذن بالصلاة في مبارك الغنم، فيقال: إن العلَّة ليست هي النَّجاسة، ولو كانت العلَّة النَّجاسة لم يكن فرق بين الإبل والغنم، لكن العلَّة شيء آخر، ما هي العلة؟

قيل: إن الحكم هذا تعبُّدي؛ أي: غير معقول العلَّة، وقيل: إن العلة أنه يُخشَى إن صلَّى في مباركها أن تَأْوي إلى هذه المبارك وهو يصلِّي، فَتُشوِّش عليه صلاته؛ لأنها كبيرة الجسم، بخلاف الغنم؛ الغنم إذا جاءت ووجدت واحدًا يصلي يمكن تروح عنه تتركه، لكن الإبل ما تتركه، فيُخشَى أن تأتي وهو يصلي فتشوش عليه الصلاة.

وقيل: إن «الإبل خُلِقت من الشَّياطين» (١٢)، كما جاء به الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، خُلِقت من الشَّياطين ليس معناه أن أصلها الشياطين؛ يعني: أصل مادَّتها، لكن المعنى أنها خُلِقت من الشَّيطنة، فهي كقوله تعالى: {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: ٣٧] ليس معناه أن مادة الخَلْق من عَجَل، لكن طبيعته هي هذه، وأنه ورد في بعض الأحاديث -وإن كان فيها ضعف- أن على كُلِّ شعفة بعير شيطانًا (١٣)، فيكون مأوى الإبل ومعاطنها مأوى للشياطين، فهو يشبه النهي عن الصلاة في الحمَّام؛ لأن الحمَّامات بيوت الشياطين.

طالب: الشعفة؟

الشيخ: الشعفة؛ شعفة السنام، البعير لها سنام، إي نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>