يقول:(ولربه أخذه بلا ضرر) يعني: لو اختار صاحب الغراس والبناء أخذه فله ذلك، لكن اشترط المؤلف ألَّا يكون في ذلك ضرر، على من؟ على الشفيع، على رب الأرض اللي أخذها بالشفعة، فإن كان عليه في ذلك ضرر فإنه ليس له أخذه؛ لأن الضرر لا يُزَال للضرر، كيف الضرر؟ نعم، الضرر بأن تنقص الأرض إذا أُخِذَ منها هذا الشيء تنقص نقصًا أكثر من قيمة هذا البناء أو الغراس؛ لأنها إذا نقصت بقدر قيمة البناء أو الغراس فلا ضرر، لكن إذا كانت تنقص أكثر فإن ذلك ضرر، فيمنع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(٤).
فإذا قال قائل: هذا واضح إذا لم يكن لصاحب الشجر والبناء غرض، ولكنه اختار القلع أو الهدم مضارةً لصاحب الأرض -الشريك- من أجل أنه أخذ بالشفعة، قال: هذا الذي أخذ بالشفعة وحرمني ما اشتريت سأضاره وأهدم البناء أو أقلع الغرس، هذا ممكن ولَّا لا؟ نعم.
نقول: إذا علمنا أن هذا قصده فلا شك أننا نمنعه، ونقول: ما يمكن تقلع الغراس ولا البناء، ولك قيمته، أما إذا كان له غرض في ذلك بأن قال: أنا أريد أن آخذ هذه الأشجار لأغرسها في أرض عندي وتكون كبيرة الآن، أو آخذ أنقاض البناء لأنها أحجار يَقِلُّ وجودها، فأنا أريد أن أنقض البناء لأجل أن أبني في مكان آخر، فهنا له غرض في أخذها ولَّا لا؟ نعم، له غرض في أخذها، فحينئذٍ نقول: له أن يأخذها؛ سواء تضرر رب الأرض، أم لم يتضرر، أما إذا لم يكن له غرض واختار رب الأرض أن يبقى البناء ويبقى الغراس ويدفع القيمة فإننا نمنع صاحب الغراس والبناء من أخذه؛ لأننا نعلم أن ذلك على سبيل المضارة.
الخلاصة الآن أن المشتري إذا غرس أو بنى فإن الشفيع يُخَيَّر، أو صاحب الغراس والبناء هو الذي يخيَّر؟
أولًا صاحب الغراس والبناء، وقال: هل أنت تريد أن تأخذ غراسك وبناءك؟ إذا قال: نعم، أنا أريد أخذه، قلنا: لا نحول بينك وبين مالك، خذه، إلا إذا كان في ذلك ضرر على الشفيع فلا.