للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يلزمه حفظها في حرز مثلِها) والحرز يختلف، بماذا؟ بعدة اعتبارات؛ يختلف باختلاف الأموال، وباختلاف البلدان، وباختلاف السلطان قوةً وضعفًا وعدلًا وجورًا.

اختلاف الأموال كيف؟ ليس حرز الذهب والفضة كحرز الأواني، صح؟ الأواني تودع في ظاهر البيت؛ في الحجر، في الغرف، بدون أغلاقٍ وثيقة، والذهب والفضة في الصناديق في أغلاق وثيقة، كذا ولَّا لا؟

المواشي؛ الإبل حرزها أن تكون في حوش محصن قوي، والضأن في حوش دون ذلك، حسب الحال.

كذلك تختلف باختلاف البلدان، البلد الذي يعتبر مدينة، فيه جنود الأمن منتشرة ليس كالبلد الذي يعتبر قرية مفتوحة الأبواب ليس فيها أحدٌ من قوى الأمن، أيهما أولى بالتحرز؟

الثاني؛ القرية، كذلك في السلطان؛ قوة وضعفًا وعدلًا وجورًا، معلومٌ أن السلطان إذا كان قويًّا هان الاحتراس، وإذا كان ضعيفًا يجب أن يشتد الاحتراس، أليس كذلك؟ إذا كان قويًّا ربما نقول: لو تضع الذهب والفضة على عتبة الدكاكين صار ذلك حرزًا، وإذا كان ضعيفًا فاجعل مع القُفْل قفلين؛ لأن السلطان ضعيف، لو أُمسك السارق ورفع إليه، قاله: ( ... ) اللي سرقت ( ... )، هذا يعتبر ضعيفًا ولَّا قويًّا؟ يعتبر ضعيفًا.

في العدل والجور، أيهما أولى أن يكون جائرًا أو عدلًا؟

الطلبة: عدلًا.

الشيخ: يتراءى لبعض الناس أن السلطان الجائر الصارم الذي يبطش بحق وبغير حق، يتراءى للناس أن هذا أشد في حفظ الأمن من السلطان العدل، وليس هذا بصحيح؛ لأن الذي يكون جائرًا إنما يخشاه الناس ظاهرًا، أو لا؟ لكن إذا حصلت لهم فرصة في أمر غير ظاهر نعم، فلا تسأل عن حالهم، وأما السلطان العدل الذي يريد أن يقيم شرع الله في أرضه فهذا يسخر الله له القلوب، ويضع الورع في قلوب الرعية حتى يحصل الأمن والاستتباب بسبب عدله.

فلهذا نقول: مَنْ ظن أن قوة الأمن تزداد بجور السلطان وبطشه فهو كاذب الظن، بل لا تزيد إلا بعدل السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>