ولهذا لو أنك أطعمتها العلف وسقيتَها الماء، ثم جاء صاحبها وقال: أين البهيمة؟ فأعطيتها إياه، هل يمكن أن يقول صاحبها لك: اضمنها؛ لأنك خالفت أمري؟ أبدًا، لو قال: اضمنها لأنك خالفت أمري؛ أعطه، هذه هي، أنا ما بدي إياها، هذه هي.
المهم أن القول بأن المودع يضمن قولٌ قويٌّ لكن ينبغي أن يقال على هذا القول: إن قيمتها لا تدفع لمن؟ لصاحبها؛ لأنه قد رضي بهلاكها عليه. نعم، لو قال صاحبها: لا تطعمها أو لا تسقها والمدة قصيرة، وكان صاحب البهيمة أراد من ذلك الحِمْية؛ حميتها عن الأكل والشرب؛ لأن ذلك يضر بها؛ فحينئذ نقول للمودع أيش؟ يجب عليك ألا تعلفها ولا تسقيها؛ لأن هذا من مصلحتها وليس فيه مضرة؛ إذ إن المدة قصيرة أعطاك إياها بالصباح وقال: سيأتي بعد الظهر، ولكن لا ( ... ) فنقول في هذه الحال: لو أسقاها أو أعلفها وتضررت بذلك فعليه الضمان.
يقول:(وإن عَيَّن جيبه فتركها في كمه أو يده ضمن)، (إن عيَّن جيبه): الضمير في (عيَّن) يعود على المودِع، والضمير في جيبه يعود على المودَع؛ يعني قال المودِع للمودَع: خذ هذه الدراهم اجعلها في جيبك، أيُّ جيب؟ الجيب هذا؛ هذه الفتحة التي يدخل معها رأسه عند لبس القميص، وفيه مخبأته جرت العادة في ذلك إن فيه مخبأته، فقال: خذ هذا في جيبك، يقول: فتركها في كُمِّه، كيف الكم هو محل حفظ؟ ! نعم، هذا الكم ما هو محل حفظ، لكن كان بالأول يلبس الناس قمصانًا فيها أكمام نازلة، طويلة إلى ذراع أو نصف ذراع، يجعلونها لهم بمنزلة المنديل، إذا غسل الإنسان يمحش يديه بها، نعم، أو بمنزلة الكيس إذا اشترى حاجة، رأيناهم بالأول، يشتري الحاجة يشتري السكر، شاهي، قهوة، غير، نعم، ويضعها في الكم هنا ويشدها بالحبل، تكون كالأكياس.