للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا كانت هذه الرُّطوبةُ ناتجةً عن استرخاء في المثانة وهذه الرطوبة من مجرى البول فهي نجسةٌ، وحكمها حكم سلس البول، وإذا كانت هذه الرطوبة تخرج من مسلك الذَّكر فإنها طاهرة؛ لأنها ليست من فضلات الطعام والشراب، وإنما تخرج من هذه المسالك التي جعل الله تعالى فيها هذا السائل لحكمة يريدها، فيكون ذلك طاهرًا.

يبقى النظر: هل ينقض الوضوء أم لا؟

فيقال: أما ما خرج من مسالك البول فهو ينقض الوضوء؛ لأن الظاهر أنه من المثانة، وأما ما خرج من مسلك الذكر فإنه ينقض الوضوء عند جمهور العلماء، بل لم أجد أحدًا قال بأنه لا ينقض الوضوء إلا ابن حزم، ابن حزم يقول: لا ينقض الوضوء، ثم يقول: هذا ليس ببول ولا مذي، ويستدل عليه بالنفي يقول: ما دام هذا ليس ببول ولا مذي، فالذي يقول: إنه ينقض الوضوء فعليه الدليل، بل هذا كالذي يخرج من بقية البدن من الفضلات الأخرى، لكنه ما استدل على عادته بأقوال أحد ممن سبق، وإنما قاله من عنده، والعجيب أنه يقوله قياسًا وهو ينكر القياس.

لكن على كل حال نقض الوضوء أهون من القول بنجاسته؛ لأن القول بنجاسته صعب، ونقض الوضوء نقول: إن كان مستمرًا فحكمه حكم سلس البول؛ بمعنى أن المرأة تتطهر للصلاة المفروضة بعد دخول وقتها وتتحفظ ما استطاعت وتصلي ولا يضرها الخارج.

وإذا كان ينقطع وله وقت معين ينقطع فيه قبل أن يخرج وقت الصلاة فإنها تنتظر حتى يأتي الوقت الذي ينقطع فيه؛ لأن هذا حكم سلس البول؛ إذا كان سلس البول له وقت ينقطع فيه قبل أن يخرج وقت الصلاة فإنه يجب أن يؤخر الصلاة إلى ذلك الوقت، وإذا كان ليس وقت ينقطع فيه فهو يصلي متى دخل الوقت، بشرط أن يتحفظ ما استطاع.

إذن رطوبة فرج المرأة فيها خلاف بين أهل العلم، فالذين قالوا: إنها نجسة قالوا: إنها خارجة من السبيل، فتكون نجسة كسائر ما يخرج من السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>