للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالذين قالوا: إنها نجسة قالوا: إن هذا شيء خارج من سبيل، فكان نجسًا كالبول، وقعَّدوا هذه القاعدة: أن جميع ما خرج من سبيل فالأصل فيه النجاسة إلا ما قام الدَّليل على طهارته.

وفي هذا القول من الحرج والمشقَّة ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، ثم من ابْتُلِيَ به من النساء؛ لأن رطوبة فرج المرأة ليس عامًّا لكُلِّ امرأة؛ بعض النِّساء ما يكون عندها رطوبة بالغة تخرج وتسيل، وبعض النساء يكون عندها ذلك في أيام الحمل ولا سيما في الشُّهور الأخيرة منه، وبعض النساء ما يكون فيها شيء أبدًا من هذا، فهن يختلفن.

لكن من ابتليت به تجد مشقة عظيمة إذا قلنا بأنه نجس؛ ولهذا اختلف فيها العلماء؛ فمنهم من قال: إن رطوبة فرج المرأة طاهرة، واستدلوا لذلك: بأن الرَّجل يُجامع المرأة ولا شك أن هذه الرُّطوبة سوف تَعْلَق به، ومع ذلك لا يجب عليه أن يغسل ذكره، وهذا شيء كالمُجمع عليه بين الناس من عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، وإذا كان هكذا فهو دليل على أنها طاهرة.

لا يقال: نقول: إنها نجسة ويُعفى عنها؛ لأنَّنا إذا قلنا: إنها نجسة احتجنا للقول بأنه يعفى عنها إلى دليل.

فإن قالوا: الدَّليل المشقَّة، فربما يكون الدليل المشقة وتكون هي نجسة، ولكن للمشقَّة من التحرُّز منها يُعْفَى عن يسيرها، كالدَّم وشبهه مما يَشُقُّ التحرُّز منه. لكن المذهب -كما ترون- أنها طاهرة، ودليلهم ما أشرت إليه.

وبناء على ذلك، تختلف الرطوبة؛ رطوبة فرج المرأة بين ما يخرج من مسلك الذَّكر وبين ما يخرج من مجرى البول؛ لأن الفرج -بإذن الله- له مجريان: مجرى مسلك الذكر، هذا يتَّصل بالرَّحم، ولا علاقة له بالمثانة ولا بمجاري البول، ولا شيء أبدًا، وهو يخرج من أسفل الفرج، ومجرى آخر: مجرى البول من أعلى الفرج، هذا هو الذي يتصل بالمثانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>